تعد الممثلة البريطانية الراحلة فيفيان لي من أشهر نجمات السينما والمسرح في العالم. ويتذكرها الجمهور في دور سكارليت أوهارا إلى جوار كلارك غيبل في فيلم «ذهب مع الريح» الذي دخل تاريخ الفن السابع من أوسع أبوابه. وها هي الممثلة الأسترالية سوزي ليندمان، المعتادة أداء أكبر الأدوار الكلاسيكية في مسرحيات شكسبير وموليير، تتقمص شخصية فيفيان لي في مسرحية عنوانها «رسالة إلى لاري» للكاتب دونالد ماكدونالد والمخرج واين هاريسون. وإذا كان الثلاثي المذكور يتميز بجنسيته الأسترالية ويعتاد العمل في سيدني ونيويورك ولندن، فإنه اختار باريس مكاناً لافتتاح «رسالة إلى لاري»، على رغم الصعوبة التي يشكلها تقديم هذا العمل باللغة الإنكليزية في مدينة النور، ومن دون أي ترجمة سوى عبارات قليلة تتفوه بها سوزي ليندمان باللغتين الإنكليزية والفرنسية. وللحكاية سبب أساسي يتلخص في كون لي تعلمت فن الدراما في باريس على يدي معلمة كانت عضواً في فرقة «لا كوميدي فرانسيز» الوطنية العريقة. ثم صارت لي ممثلة مسرحية مرموقة فور عودتها إلى بلدها إنكلترا، وهناك التقت الممثل المرموق لورانس أوليفييه الذي كان بمثابة أسطورة حية ووقعت في غرامه باذلة كل جهودها من أجل أن تلفت انتباهه بأسلوبها التمثيلي وبجاذبيتها الفذة وعينيها الخضراوين المميزتين اللتين صنعتا شهرتها كواحدة من أجمل نساء العالم. وانفصل أوليفييه عن زوجته الأولى ليتزوج لي، لكن حياتهما المشتركة سرعان ما انقلبت إلى جحيم بسبب عدم تحمل لي مجد زوجها وحصوله على لقب «سير» من ملكة إنكلترا، باعتباره أكبر ممثل مسرحي في الوجود. وإلى ذلك، كانت لي تعيب على أوليفييه سراً مغازلته المستمرة للمعجبات وخيانتها في طريقة شبه مستمرة. وانتهى بها المطاف في مستشفى للأمراض العقلية مصابة بحال من فقدان الرشد والسيطرة على أعصابها... إلى أن توفيت عن عمر ناهز 54 سنة، بعد طلاقها من أوليفييه. في صمت هذه الحكاية المأسوية تمثلها ليندمان وحدها كل ليلة فوق خشبة مسرح «نيل» الباريسي، في شكل رسالة توجهها لي إلى شريك حياتها وحبيب عمرها أوليفييه، راوية عبرها كافة تفاصيل اللقاء بينهما وكيف أحبته وعاشت إلى جواره متحملة تصرفاته في صمت من دون أن يذوب حبها له بأي شكل من الأشكال، بل على العكس كانت تحبه أكثر وأكثر منتظرة لحظة تفوهه بعبارة حب تجاهها ورغبة من ناحيته في تمضية حياته إلى جوارها. وتتميز ليندمان بشبه واضح في الملامح مع لي، إلى درجة أنه سبق لها تمثيل شخصية النجمة الراحلة مرتين، وفي عملين مسرحيين مختلفين كلياً عن «رسالة إلى لاري». وتؤدي ليندمان المواقف المختلفة ببراعة، متنقلة من الحب الرومانسي إلى العنفوان، وثم الدموع وأخيراً الجنون المطلق، من دون أن تنسى أبداً أنها مولعة بشريك حياتها مثل الصبية المبهورة أمام ساحر ينقلها بألعابه وحيله إلى عالم خيالي غريب تنحول فيه الأمور المستحيلة إلى واقع ملموس. ستطوف المسرحية لاحقاً في كل من لندن ونيويورك وسيدني، قبل أن تبدأ ليندمان تنفيذ مشروع الإخراج السينمائي الذي انطلقت فيه عبر فيلم روائي سيصور في باريس ولندن وسيدني. لكن عدم توافر ترجمة بالفرنسية لمسرحية «رسالة إلى لاري»، لم يمنع الجمهور الفرنسي من التدفق على مسرح «نيل»، ومن التصفيق الحاد لليندمان في ختام العرض.