اشتهرت الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت على الصعيد العالمي، عقب مشاركتها في الثلاثية الناجحة «سيد الحلقات» منذ حوالى 9 سنوات، الأمر الذي حوّلها من مجرد فنانة جيدة إلى نجمة كبيرة تفرش لها هوليوود السجاد الأحمر وتدفع لها ملايين الدولارات لقاء توليها بطولة أفلام أميركية تعرض على المستوى الدولي، لعل أبرزها «إنديانا جونز وسر الجمجمة البلورية». وقبل ذلك بسنوات، جاءت بلانشيت من أستراليا إلى عاصمة المسرح لندن، لتتعلم الدراما والإلقاء تحت إشراف أساتذة فرقة شكسبير الملكية. وسرعان ما حصلت على أدوار مميزة على الخشبة، قبل أن تتولى دور البطولة في فيلم «إليزابيث» المأخوذ عن مسرحية تروي حياة الملكة إليزابيث في القرن الثامن عشر، أخرجه الهندي المقيم في إنكلترا شيكار كابور. وبلانشيت ابنة ال 42 سنة، متزوجة من المخرج المسرحي أندرو أبتون ولها منه صبيان. وصلت الشقراء الجميلة أخيراً إلى باريس، لتؤدي دور البطولة في مسرحية «كبير وصغير» باللغة الإنكليزية، وذلك قبل تقديم هذا العمل في لندن وأستراليا في الأشهر المقبلة. وتعتبر «كبير وصغير» من أهم ما ألّفه الألماني المعروف بوتو شتراوس، وتدور أحداثها في ألمانيا مع مشهد افتتاحي في المغرب حيث تظهر كايت بلانشيت وكأنها تائهة تفتش عن شيء ما. وعقب ذلك تتوالى الأحداث في ألمانيا، ويتّضح أن الضياع الذي ميّز حالة هذه المرأة خلال المشهد المغربي، متأتٍّ من وضعها النفسي إثر طلاقها وفقدانها اتزانها العصبي، إضافة الى فقدانها فئة من أصدقائها الذين انحازوا إلى طليقها وقطعوا علاقتهم بها نهائياً. الشيء الأول الذي يُضاعف ألمها، كان شعورها العميق بأن زوجها أو طليقها كان رجل حياتها وحبيب العمر، الأمر الذي أدى إلى خيبة أمل صعبة التحمل عندما غادرها هذا الأخير في شكل نهائي لا رجوع فيه. تعرض المسرحية التي تشهد إقبالاً كثيفاً، على خشبة مسرح «تياتر دو لا فيل» الباريسي العريق، باللغة الإنكليزية مع مترجمة فورية تكتب على شاشة صغيرة أعلى الخشبة. وعلى رغم أن الجمهور الفرنسي لا يُحبّذ عادة مشاهدة العروض بغير لغته، فقد بيعت بطاقات الدخول قبل افتتاح المسرحية بأسابيع، مع العلم أن القاعة ضخمة وتتسع لأكثر من ألف متفرج. تجربتها المغربية وحول تقديم المسرحية في باريس قبل غيرها من المدن التاريخية الكبرى مثل لندنوألمانيا وأستراليا وغيرها، تقول بلانشيت إن العاصمة الفرنسية «مسقط رأس الثقافة والفنون، الأمر الذي يجعل افتتاح هذه المسرحية القوية فيها خطوة مهمة تُتيح لنا الفرصة لملاحظة ردّة فعل الجمهور الباريسي تجاه النص والإخراج الذي نفذه الأسترالي بنيديكت أندروز، إضافة الى تفاعله مع أداء الممثلين وعلى رأسهم أنا نفسي». وعلى الأرجح أن الجمهور الباريسي استمتع بأداء بلانشيت القوي الذي تقدمه كل ليلة، متنقلة بين حالات الحزن والفرح والتراجيديا والجنون المطلق، بإحساس عال، كاتمة أنفاس المتفرج الى أن يسدل الستار في نهاية العرض ويستعيد وعيه ويبدأ التصفيق الحاد لدقائق طويلة. وحول سرّ المشهد الافتتاحي الذي تدور أحداثه في المغرب، تروي بلانشيت تجربتها المغربية الشخصية مصرّحة أنها ترددت إلى المغرب من أجل المشاركة في فيلم «بابل» منذ سنوات، وأنها أعجبت بالمناظر الطبيعية الخلابة التي رأتها، خاصة أن الفيلم صور في مناطق جبلية رائعة. كما أبدت إعجابها بأهل البلد، خصوصاً أن العدد الأكبر من أفراد الفريق التقني الذي عمل في الفيلم كان مغربياً، الأمر الذي سمح للممثلة الأسترالية بالتعامل مع المغربيين والمغربيات عن قرب، وبالتالي اكتشاف ثقافتهم وطباعهم وكرمهم وأطباقهم الشهية.