بيروت، لندن، نيويورك - «الحياة»، أ ب، رويترز، أ ف ب - في وقت احتدمت المعارك في منطقة حمص إثر هجوم مضاد تشنه القوات النظامية السورية منذ يومين على مواقع المعارضة، وكشفت واشنطن عن انتشار قوات من «حزب الله» و «الحرس الثوري» الايراني في منطقة حلب لإسناد الجيش النظامي، فتح «الجيش السوري الحر» جبهة جديدة في مدينة القامشلي قرب الحدود مع تركيا، في إنهاء للهدنة القائمة في هذه المنطقة ذات الغالبية الكردية والمسيحية. في هذا الوقت، استمرت ردود الفعل على مبايعة «جبهة النصرة» لزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، فاستنكرت «جبهة تحرير سورية الإسلامية» ذلك، رافضة أي وصاية خارجية على الثورة السورية، وأعلنت باريس أنها تدرس إدراج الجبهة على لائحة الإرهاب، بينما أكدت جماعة «الإخوان المسلمين» في سورية أن إيران وحلفاءها في المنطقة «قطعوا على أنفسهم أيّ طريق للقاء في الحاضر والمستقبل» واعلن المجلس العسكري في «الهيئة العامة للثورة» امس، بدء «معركة تحرير» القامشلي في شمال شرقي البلاد، وقال في بيان إن مقاتلي المعارضة سيطروا على «مواقع استراتيجية قريبة من المطار والفوج 154». وخاطب أهالي المنطقة بالقول: «إننا قادمون لتحريركم من الطغاة، وندعو كل القوى من كرد وعرب ومسيحيين إلى الوقوف إلى جانبنا ومساندتنا ضد الجيش (النظامي) والأمن والشبيحة». وذكرت وكالة «أسوشيتد برس» أن معارك تدور منذ يومين في منطقة حمص القريبة من الحدود مع لبنان هي الأعنف منذ أشهر، وأوضحت أن السبب هجوم مضاد تشنه القوات النظامية لاسترجاع مواقع تسيطر عليها قوات المعارضة. وأشارت الوكالة إلى أن دوي القصف والاشتباكات كان يُسمع واضحاً من الأراضي اللبنانية المحاذية للحدود. وكان «حزب الله» أقر بأن قوات له تقاتل في منطقة القصير في حمص، لكنه برر ذلك بالدفاع عن «قرى شيعية في الأراضي السورية يقطنها لبنانيون». وفي واشنطن، وصف السفير الأميركي روبرت فورد في شهادة أمام لجنة شؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، دور إيران في الصراع السوري ب «الخبيث»، قائلاً إنه ساعد نظام الرئيس بشار الأسد على تشكيل «ميليشيا طائفية ويجذب حزب الله والمسلحين العراقيين إلى سورية». وأشار فورد إلى أن قائداً عسكرياً ميدانياً في حلب أبلغه بتزايد «دور الميليشيات والإيرانيين وحزب الله على الأرض مع القوات السورية المتبقية في حلب». وزاد: «على رغم مساعدة الإيرانيين للنظام السوري، فإنه لم يقدر على وقف التقدم البطيء للمعارضة المسلحة». غير أن فورد ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى إليزابيث جونز، أكدا في الجلسة أن الإدارة ما زالت مقتنعة بأن «التسوية المتفاوض عليها هي السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة» السورية. واعتبر فورد أن النظام يخسر إنما «المسار بطيء ودموي. وإذا لم نتوصل إلى حل تفاوضي فسيحارب مناصرو النظام حتى الموت». وقال إن الإدارة «تخصص جهداً كبيراً للبحث في واقع العلويين وما سيحصل لهم عند سقوط الأسد»، مضيفاً أن «المسؤولين الأميركيين سيلتقون بعلويين لاستكشاف أي نوع من الضمانات يحتاجون للابتعاد عن الأسد»، لكنه لم يوضح أين وكيف ستتم هذه الاتصالات. وشدد السفير على أهمية تواصل المعارضة مع الأقلية العلوية، ورأى أن هناك «منافسة في المعارضة اليوم بين المعتدلين وتنظيم القاعدة، وأن علينا أن ندعم المعتدلين». أما جونز، فحذرت من تحول سورية إلى «بلد يستخدمه المتطرفون لرسم خطط ضد الولاياتالمتحدة». في غضون ذلك، حذرت جماعة «الإخوان المسلمين» في سورية، من أن «نكوصَ المجتمع الدولي عن مسؤولياته في لجم عنف» النظام السوري سيؤدي إلى «ردود فعل متطرفة» في المدى القريب أو البعيد، مشيرة إلى أن إيران وحلفاءها في المنطقة «قطعوا على أنفسهم أي طريق للقاء في الحاضر والمستقبل». ونفت وجود أي تنظيم مسلح لها داخل الثورة السورية. وأعلنت مجموعة الكتائب والألوية في «جبهة تحرير سورية الإسلامية» التابعة ل «الجيش الحر»، استهجانها ورفضها إعلان «جبهة النصرة» مبايعتها تنظيم «القاعدة»، داعية «المجاهدين» إلى التوحد وتغليب «الوسطية والاعتدال»، وفق ما جاء في بيان نشر على صفحتها على موقع «فايسبوك». وفي نيويورك، بدأ مجلس الأمن مناقشة فرض عقوبات دولية على «جبهة النصرة» ضمن عمل لجنة العقوبات على تنظيم «القاعدة»، وفق ما أكد ديبلوماسي رفيع. وتستند المناقشات الى الولاية المنوطة بلجنة العقوبات التي كان المجلس شكلها بموجب القرار 1267 العام 1999 والتي تشمل «كل الأفراد والمجموعات المرتبطين بتنظيم القاعدة». وكانت الحكومة السورية طلبت عبر بعثتها في الأممالمتحدة من مجلس الأمن إدراج تنظيم «جبهة النصرة» على القائمة. وقالت مصادر المجلس إن «خبراء لجنة العقوبات المؤلفة من 15 عضواً (كامل أعضاء مجلس الأمن) لم يناقشوا الطلب الرسمي السوري في جلسة خاصة بعد»، لكن «ثمة تأييداً سياسياً من أعضاء كبار في المجلس لإدراج النصرة ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية الخاضعة لعقوبات دولية». وفي باريس، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو، إن بلاده تفكر في احتمال إدراج «جبهة النصرة» على لائحة «المنظمات الإرهابية»، وإنها تتشاور حول الموضوع مع شركائها في مجلس الأمن و«الائتلاف الوطني السوري» المعارض، لافتاً إلى أن هذا الموقف تبلور في أعقاب ما أُعلن عن ارتباط «الجبهة» بتنظيم «القاعدة»، وبعدما ميز»الائتلاف» نفسه عن «القاعدة»، مع تمسكه بالمبادئ التي ينبغي أن تقوم عليها سورية المستقبل. لكنه أشار إلى أن أي قرار لم يتخذ بعد، لأن الأمر يتعلق بمجلس الأمن واللجنة الخاصة بموجب القرار الدولي 1267. في غضون ذلك، خرجت تظاهرات عدة في معظم مناطق البلاد، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن التظاهرات جرت تحت عنوان «سورية أقوى من أن تقسم»، في إشارة إلى وحدة الشعب السوري والتأكيد على وحدة المصير لكل طوائف الشعب السوري ومكوناته»، مضيفاً أن المتظاهرين «نادوا بوحدة سورية وحرية شعبها وطالبوا بإسقاط النظام السوري ورحيل الأسد». إلى ذلك، قال وزير الخارجية النمسوي مايكل سبيندلغر لدى زيارته قوات بلاده في «القوة الدولية لفك الاشتباك» (اندوف) في الجولان، إن قوة حفظ السلام النمسوية تخشى على أمنها بسبب القتال في سورية، وإنها ستقوّم على أساس يومي ما إذا كان بوسعها البقاء لمراقبة الهدنة بين إسرائيل وسورية. وقال: «قررنا كنمسويين البقاء لأطول فترة ممكنة بالنسبة إلينا. هذا تفويضنا، لكن علينا أن نقرر يومياً ما إذا كان هذا ممكناً». وعلمت «الحياة» أن فيينا أبلغت حلفاءها الأوروبيين بأنه في حال اتُّخذ قرار جماعي برفع الحظر الأوروبي عن تصدير السلاح لسورية، فإنها ستسحب قواتها من «اندوف»، ما يهدد عمل كامل القوة التي تضم نحو 1100 جندي يشكل النمسويون غالبيتهم، بعد انسحابات مختلفة كان آخرها للقوات الكرواتية. وفي فرنسا، أفاد مسؤول في «سلسلة الأمل»، وهي منظمة غير حكومية متخصصة في تقديم العلاج للأطفال المعوزين، بأن المعارك وعمليات القصف في سورية أودت بحياة ما بين 10 آلاف و15 ألف طفل منذ بداية النزاع في هذا البلد في آذار (مارس) 2011.