سارعت إيران إلى طمأنة دول الخليج والعالم، إلى أن الزلزال الذي ضرب محافظة بوشهر في الجنوب، ظهر أمس، وبلغت قوته 6.4 درجات على مقياس ريختر، لم يؤثر على مفاعل بوشهر النووي، حيث توجهت أنظار الخليجيين إليه بعد شعورهم بالهزة الأرضية التي نادراً ما يشعروا بها، رغم آلاف الهزات التي يتم رصدها سنوياً في المنطقة. وأعلنت السلطات الإيرانية مقتل 31 شخصاً على الأقل وجرح 800، بهزة قوتها 6.1 درجة على مقياس ريختر، ضربت منطقة كاكي في محافظة بوشهر جنوب البلاد. لكن رئيس مفاعل بوشهر النووي محمد جعفري أكد أن المحطة «لم تتأثر بالهزة، وتواصل نشاطها في شكل طبيعي»، وبرّر ذلك بأنها تبعد حوالى 160 كيلومتراً عن مكان حدوث الهزة. إلى ذلك، أعلن قائد البحرية في «الحرس الثوري» الإيراني الأميرال علي فدوي أن قواته «أوجدت بنى تحتية جيدة لحفظ الأمن والاستقرار في الخليج»، مضيفاً: «لدى أعدائنا نقاط ضعف استراتيجية كثيرة، أياً تكن ظروفهم، ونأخذها في الاعتبار في حساباتنا». وشعرت دول الخليج العربي القريبة من إيران بالهزة خصوصاً دول السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ما أثار هلعاً في بعض الأبراج، وقيام عدد منها بإخلاء ساكنيها. ويثير المفاعل النووي الإيراني في بوشهر، جدلاً واسعاً في منطقة الخليج، وبدأ تشغيل محطة بوشهر النووية التي بنتها روسيا وتزودها بالوقود، في خريف 2011 لكنها تعرضت لأعطال تقنية منذ تدشينها رسمياً في آب (أغسطس) 2010. وكانت موسكو أتمت بناء المحطة النووية الوحيدة في إيران التي بدأ الألمان بتشييدها قبل الثورة الإسلامية في 1979. وقال حاكم المحافظة فريدون حسنفند للتلفزيون الإيراني مطمئناً دول المنطقة: «لم يتم تسجيل أية أضرار في محطة بوشهر النووية»، فيما أكد رئيس محطة بوشهر النووية محمد جعفري أن المحطة لم تتأثر بالزلزال، وقال: «إن المحطة تواصل نشاطها بشكل طبيعي وأن العاملين في المحطة يواصلون عملهم المعتاد». مشيراً إلى أن «الدليل على سبب عدم تأثير الزلزال على نشاط المحطة النووية هو المسافة الكبيرة التي تصل إلى نحو 150 إلى 160 كليومتراً بين مكان وقوع الزلزال والمحطة». كما نقلت وكالة الإعلام الروسية، أمس، عن مسؤول في الشركة الروسية التي شيدت محطة بوشهر للطاقة النووية في إيران قوله إن الزلزال القوي الذي هز إيران لم يؤثر على عمليات المحطة. ونقلت الوكالة عن المسؤول في شركة أتومستروي اكسبورت «لم يؤثر الزلزال بأي شكل على الوضع المعتاد في المفاعل. ويواصل العاملون العمل على النحو المعتاد ومستويات الإشعاع ضمن نطاقها الطبيعي تماماً». ولا تخفي دول الخليج مخاوفها من التهديدات التي يشكلها مفاعل «بو شهر» النووي، كان آخرها في الشهر الماضي، إذ اعتبر مجلس التعاون الخليجي مفاعل «بو شهر» يمثل «تهديداً خطيراً» للبيئة على صعيد دول المنطقة. كما حزر أمينه العام في تصريحات على هامش أشغال القمة العالمية لطاقة المستقبل٬ أن «أنباء ترددت مؤخراً تفيد بوجود خلل فني في مفاعل بوشهر النووي الإيراني أدى إلى وقف تشغيله لفترة محدودة٬ وهو ما يثير لدينا شعوراً بالقلق من خطورة هذا المفاعل وما قد يترتب على تشغيله من أضرار بيئية خطيرة على دول المنطقة». مضيفاً أن دول مجلس التعاون «دعت إيران إلى الالتزام بالشفافية التامة حيال هذا الموضوع والانضمام الفوري إلى اتفاقية السلامة النووية وتطبيق أعلى معايير السلامة في منشآتها»٬ مجدداً التأكيد على «المواقف الثابتة» لدول الخليج تجاه مساعي إيران للحصول على الطاقة النووية. وترى دول الخليج أنها مهددة بأي خطر يتعرض له المفاعل، خاصة أن مدينة الكويت تبعد 200 كيلومتر فقط عن مفاعل بوشهر، وكذلك سواحل السعودية أبعد بقليل. كما أن أي خطر لتسرب أو تلوث، فأكثر من يتضرر هم سكان هذه المناطق، وذلك لعدم خبرتهم الكافية في التعامل مع مثل هذه الكوارث، كما أن حركة مياه الخليج هي عكس عقارب الساعة، أي من جهة إيران إلى منطقة الخليج، فلو حدث أي خلل في مفاعل بوشهر وأدى إلى تسرب نووي فإن المياه ستحمل الملوثات النووية إلى شواطئ دول الخليج، وأول ما سيطاله التلوث هو محطات تقطير المياه. كذلك، فان اتجاه حركة الرياح هو إما من الشمال إلى الجنوب (أيضا من جهة إيران إلى المنطقة) ستحمل معها الملوثات أولاً إلى الكويت وشمال السعودية وجنوب العراق. أما إذا كانت من الشرق إلى الغرب فستكون الإمارات وعمان واليمن أول المتضررين. يشار إلى أن تقريراً صدر عن مؤتمر عُقد برعاية برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة عام 2004، ذكر أن زلزالاً واحداً على الأقل، بقوة 4 درجات على مقياس ريختر، يقع في إيران كل شهر، وزلزال واحد بقوة 6 درجات كل سنة، وآخر بقوة 7 درجات أو أكثر يقع كل عشر سنوات في إيران، فخلال تاريخ إيران الحديث، تعرّضت البلاد لأكثر من 130 زلزالاً كبيراً، فضلاً عن مئات الزلازل الصغيرة، فزلزال بام الذي أودى بحياة 30 ألف شخص عام 2003، بلغت قوته 6.7 درجات.