رغم الأفق المتفائل الذي رسمه وزير الخارجية جون كيري في زيارته للأراضي الفلسطينية وإسرائيل حول إمكان إنعاش المفاوضات المباشرة، تعكس أوساط الإدارة الأميركية توقعات منخفضة في فرص إحداث أي اختراق قريب في عملية السلام. وتذهب جهود الإدارة باتجاه تأسيس أرضية «ثقة» ومناخ داخلي وإقليمي مناسب للمرحلة اللاحقة. وتشير مصادر قريبة من البيت الأبيض ل «الحياة»، إلى أن الرئيس باراك أوباما «لا يتوقع أي اختراق قريب في عملية السلام»، وأن إيفاده كيري إلى المنطقة يأتي في إطار «وقف الانهيار في هيكلية حل الدولتين والعملية التفاوضية قبل الولوج في أي خطوات جدية». وتنقل المصادر عن الرئيس الأميركي اعتباره أن الظرف الداخلي في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية لا يساعد في إحداث اختراق تفاوضي، وفي ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي تتولى فيها قيادات يمينية مناصب محورية، مثل الإسكان والخارجية، مع الأخذ في عين الاعتبار وضع السلطة الفلسطينية والحاجة إلى تعزيزه اقتصادياً وسياسياً قبل خوض الرئيس محمود عباس أي مفاوضات جدية. من هنا، تهدف جهود كيري إلى التأسيس لمناخ يغير في الواقع الحالي، إن لناحية كسب تنازلات من حكومة بنيامين نتانياهو باستخدام الأوراق الأمنية (إيران وملفها النووي) أو التعاون الوثيق بين البلدين. وفي هذا الإطار، يستعد وزير الدفاع تشاك هاغل إلى زيارة أولى له لإسرائيل هذا الشهر، وسيتصدرها الملف الإيراني. وكان لإسرائيل تحفظات على تعيين هاغل في هذا المنصب، غير أن ضمانات قدمها للجانب الإسرائيلي حول رفض سياسة الاحتواء حيال ايران، والتنسيق الوثيق مع تل أبيب، ساعدت في المصادقة على تعيينه وتراجع اللوبي الإسرائيلي. وفي الجانب العربي، يحاول كيري ضمان مظلة إقليمية لأي تحرك مستقبلي وبإعادة مبادرة السلام العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في 2002 إلى صلب هيكلية الحل. ويسعى الجانب الأميركي إلى إضافة تعديلات على المبادرة بشكل يجعلها أكثر قبولاً لإسرائيل، إنما من دون العودة إلى استراتيجية المبعوث السابق جورج ميتشل والذي اشترط خطوات «تطبيعية» من الجانب العربي واصطدم بمعارضة قوية من العواصم العربية. ويركز كيري في جهوده الإقليمية على السعودية وقطر ومصر وتركيا، وبسبب موقعهم الإقليمي وتأثيرهم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والتي تراها واشنطن في موقع مختلف عن السابق بسبب ابتعادها عن النظام السوري وتباعاً عن حليفه الإيراني. غير أن الجانب الأميركي يدرك أن هذه الصورة الإقليمية والداخلية ستحتاج وقتاً لتكتمل قبل الحديث عن أي تحرك جدي. وستكون لاجتماعات أوباما مع وفود عربية هذا الشهر، وخصوصاً الملك الأردني عبدالله الثاني ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الشهر المقبل، دوراً أساسياً في تنسيق هذه الجهود ونهج «الخطوة-خطوة» الذي تمضي به واشنطن.