لا يعد الحضور الجماهيري الضعيف لأمسية شعرية في دول مجلس التعاون الخليجي أمراً غريباً، إذ عزف متابعي الشعر عن الحضور في الأمسيات حتى لو كان فرسانها من شعراء الرعيل الأول، ما ينذر بموت منبر القصيدة النبطية أسوة بالفصحى في تلك الدول. وأضحت مشاهد الزحام من متذوقي الشعر الشعبي في الخليج لحضور أمسية شعرية من الماضي، لأسباب عدة جعلت من القصيدة النبطية تحتضر يوماً بعد آخر، منها انتشار القنوات الشعبية التي اختصرت المسافات على الجمهور، وكذلك دخول المال في إقامة الأمسيات، وكثرة قصائد المديح في تلك المنابر. ولم يتوقف ضعف الأمسيات على قلة الحضور، وإنما غياب عدد من الشعراء المعروفين عنها، إذ يبرر شعراء ضعفها في الوقت الحالي إلى تشبع الساحة من الشعر، ووجود منابر عدة للنشر، على العكس من السابق الذي ينحصر فيه طريق الشهرة على الأمسيات ومن ثم المجلات فقط. وأرجع الشاعر ناصر العجمي ضعف الأمسيات الشعرية إلى عزوف الجمهور عنها، وثانيهما المقابل المادي للشعراء. وأكد شاعر شارك في أمسيات «الجنادرية» قبل أشهر (فضل عدم ذكر اسمه) ل«الحياة»، أنه تفاجأ بضعف الإقبال على الأمسية التي شارك بها، على رغم أن الشعراء المشاركين معه معروفون ولهم مكانتهم الشعرية، «يعود ضعف الأمسيات إلى أسباب عدة، منها موعد ومكان إقامتها، وكثرة القنوات الشعرية والشعراء والمهرجانات، وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، وتكرار القصائد من المشاركين في الأمسيات»، لافتاً إلى أن الأمسيات الناجحة تعد الآن على أصابع اليد الواحدة. وذكر عضو جمعية الشعر في مملكة البحرين الشاعر والإعلامي محمد المبارك، أن الأمسيات لا تغري الشعراء في الوقت الحالي، لاسيما أن هناك جهات تدفع مبالغ مالية للمشاركين، «نوجه دعوات لعدد من الشعراء الخليجيين لإقامة أمسيات في البحرين لكنهم يعتذرون، بينما في السابق يوافقون مباشرة». وأضاف أن الشعر الشعبي «يعاني في الوقت الحالي من عزوف عدد من متابعيه، بسبب الأوضاع السياسية والرياضية، وظهور وسائل عدة لنشر القصيدة، إضافة إلى زيادة أعداد الشعراء الشباب، الأمر الذي أصاب المتلقي بحالة من التشبع الشعري». وعلى رغم عزوف عدد كبير من الشعراء عن الأمسيات، إلا إن هناك مهرجانات لا تزال صامدة حتى الآن، لكنها تكتفي بأمسية واحدة أو أمسيتين، مثل المهرجان الوطني للتراث والثقافة في السعودية، و«هلا فبراير» في الكويت، بغية حضور الشعر الشعبي في فعالياتهما.