في دور السينما في نيويورك، لم يعد الفوشار يكفي لجذب الزبائن، وبات بالإمكان اللجوء إلى كبد الأور المسمن كعامل جذب لكسب زبائن ميسورين يمكنهم أن يدفعوا أكثر من سعر بطاقة دخول. هل هذه حيلة لملء القاعات التي يتراجع عدد روادها مع انتشار الشاشات على أنواعها؟ أم أنها مجرد نزوة جديدة لشباب ميسورين؟ في دار «نايتهوك سينما» في نيويورك في حي وليامسبرغ المعروف في بروكلين، شكل عرض فيلم «مصير اميلي بولان الرائع» مناسبة لمأدبة طعام راقية... كلفة السهرة 95 دولاراً للشخص. بعد انتهاء العرض، قال كريستيان لينغ (25 سنة) طالب الحقوق الذي أتى مع صديقته لتمضية سهرة رومنسية: «كثير من الناس يعتبرون أن الفيلم يقتصر على ما نشاهده على الشاشة، لكن الطاهي هنا ساعدنا على استخدام كل حواسنا». وفيما مشاهد الفيلم تتوالى على الشاشة تحذو الأطباق حذوها على الطاولة. وحضّرت الطاهية ساه نغوين لهذه السهرة خمسة أطباق استوحتها من التقليد المطبخي الفرنسي لمرافقة مغامرات اميلي بولان في باريس عبر الشاشة، بدءاً بطبق «كروك مدام» بالكمأة السوداء. قدم الطبق بالتزامن مع مشهد على الشاشة ترتجف فيه أكواب زجاجية موضوعة على طاولة. وبعد ذلك تتالت الأطباق التي حملها نُدَّّل ارتدوا الأسود من لحم وبلح البحر وكريب بكبد الاوزّ المسمّن والبط. وتقول إيمي التي تجلس مرتاحة في احد المقاعد الستين في القاعة: «هذا الأمر يخرجنا من الروتين ويطور حواسنا». وفتحت دار «نايتهوك» أبوابها في العام 2011 مع مفهوم السينما ومأدبة العشاء. ومن أجل التميز عن أسلوب «الوجبات السريعة» المتوافر في مجمعات السينما، تدعو هذه الصالة من فترة إلى اخرى طهاة معروفين يختارون الفيلم الذي سيعرض وقائمة الطعام التي سترافقه. ويندرج هذا الأمر في إطار حركة عامة تشهدها نيويورك، حيث «الفودينغ»، وهي حركة تندرج في إطار تجربة مطبخية يتحول فيها الطعام وتذوقه إلى حدث بحد ذاته، وتلقى نجاحاً كبيراً. ويمكن أيضاً خلال الأمسيات العادية دفع سعر بطاقة دخول عادية (11 دولاراً) ومن ثم طلب الأكل والشرب. وهذه الدار المستقلة ليست الوحيدة التي تقدم طعام عشاء إلى روادها، بل ثمة ميل تصاعدي في الولاياتالمتحدة في هذا الاتجاه. ويرى روس ملنيك الذي يدرس مادة السينما ووسائل الإعلام في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، أن هذه الاستراتيجية تسمح بإحياء قاعات تتراجع أمام رواج الشاشات «الشخصية». ويشير إلى أن بعض دور السينما «عرفت من خلال هذه المبادرة الجديدة كيف تحول مشاهدة فيلم إلى حدث بحد ذاته». وتنظم شبكة «الاما درافتهاوس» للسينما على سبيل المثال، أمسية كاملة بموضوع معين تتمحور على بعض الأفلام وليس مأدبة الطعام فقط. في المقابل، بدأت شبكة «ايه ام سي» للسينما أيضاً تقديم الطعام في بعض قاعاتها.