في كل مرة "ينزل" فيلم جديد في دور السينما يتوجه الشاب مراد الوباري لمملكة البحرين لحضور ومشاهدة ما يستجد من أفلام سينمائية أجنبية وعربية، وذلك للاستمتاع بما تقدمه التقنية العالية في الصوت والصورة من خلال القاعات المصممة لتقديم الأفلام بطريقة سينمائية؛ لا يمكن بأي شكل من الأشكال الحصول عليها في السينما المنزلية حتى مع استخدام شاشات كبيرة نوعاً ما إضافة لنظام صوتي عالي الجودة. ولا يعتبر مراد الوحيد الذي يقصد مملكة البحرين لهدف مشاهدة أفلام سينمائية، بل هناك عدد كبير جداً من الشباب والعائلات السعودية تقطع مسافات تتجاوز 500 كم ذهاباً ومثلها إياباً لمشاهدة فيلم أو أكثر في قاعات السينما البحرينية، ليشكلوا بذلك النسبة الأكبر من الحضور، وذلك حسب ما ذكره موظف بيع التذاكر في سينما "سيتي سنتر" محمد العرادي، مؤكداً على ان نسبة السعوديين تتجاوز 85% يتوزعون على 90 صالة سينما في البحرين تعرض أحدث الأفلام العالمية والعربية والهندية، إضافة لآخر أفلام الكرتون، وذلك في سبيل توفير كافة الاختيارات لعشاق السينما. «الرياض» تواجدت في عدد من دور السينما في مملكة البحرين، والتقت عدداً من العائلات والشباب السعودي المتواجدين هناك؛ وكان السؤال الأبرز لديهم: متى نرتاح من تعب الطريق ومصاريفه ومخاطره ونشاهد دور سينما في المملكة؟ حضور دائم وقال نادر عبدالله إن 90% من زياراته للبحرين برفقة عائلته تكون بهدف مشاهدة أفلام سينمائية، من خلال ما يتم عرضه في دور السينما والتي تجعله يتوجه للبحرين مرتين في الشهر على الأقل لمشاهدة ما يستجد من أفلام أجنبية وعربية. عوائل الرياض أول الحاضرين! ورغم المسافة الطويلة نوعاً ما من مدينة الرياض إلى مملكة البحرين، إلا أن الإجازات الأسبوعية والفصلية تغري الكثير من العائلات للتوجه للبحرين لمشاهدة الأفلام السينمائية التي تتوفر لجميع أفراد العائلة. وشجعت المسافة التي يقطعها أهالي الرياض لمشاهدة فيلم سينمائي في البحرين المخرج السعودي عبدالله ال عياف لتنفيذ فيلمه الذي يحمل عنوان "السينما 500 كم" والتي تحكي قصة شاب من الرياض يقطع مسافة 500 كم للوصول إلى احدى دور السينما في البحرين، لمشاهدة فيلم سينمائي لأول مرة في حياته ليعود بعد ذلك ليقطع نفس المسافة للعودة إلى وطنه. وقال خالد المنصور من مدينة الرياض انه يستقل سيارته بشكل شبه شهري برفقه عائلته لحضور عدد من الأفلام السينمائية، وذلك بعد ان يتأكد من خلال المواقع الالكترونية الخاصة بشركة السينما في البحرين؛ للتعرف على الأفلام المعروضة وهل تشجع على السفر لمشاهدتها أم لا. وأضاف: "تستغرق رحلتنا قرابة اليومين نشاهد خلالها عدداً من الأفلام العائلية العربية منها والأجنبية إضافة لأفلام الكرتون، وذلك لإرضاء أطفالنا أيضا الذين يجدون متعه كبيرة تجعلهم يناقشون ما شاهدوه خلال رحلة العودة للرياض"، مطالباً بسرعة العمل على فتح دور سينما في المملكة وفق ضوابط تراعي فيها تعاليم ديننا الحنيف وعاداتنا التي تسمح بالترفيه المسؤول، مؤكداً على أنه يحرص على اختيار الأفلام المناسبة، من خلال التعرف على القصة وما تحتويه من مشاهد وذلك حتى يختار المناسب لدخوله مع أفراد عائلته. بينما يؤكد موظف مبيعات التذاكر محمد العرادي على أن أغلب العائلات السعودية تحرص على اختيار الأفلام المناسبة لأعمار أبنائهم، وذلك من خلال ما يوجهونه من أسئلة للتعرف على نوعية كل فيلم. أما محمد الغامدي والذي يمنع أبناءه من دخول بعض الأفلام باعتبارها غير ملائمة مع حرصه على توضيح أسباب المنع، وذلك لتعزيز وجه نظره عند أبنائه وبهدف زرع الرقابة الذاتية لديهم. ويجد الغامدي ان الخطر القادم من خلال القنوات الفضائية والانترنت يفوق بكثير ما يتم عرضه على شاشات السينما أينما كانت، وذلك لسهولة السيطرة على ما يتم عرضه على الشاشات العملاقة، بينما هناك صعوبة كبيرة في مراقبة الأبناء عند استخدامهم لتقنية الانترنت والتي تحتوي على ما يندى له الجبين، مؤكداً على أن أفضل وسيلة لتربية الأبناء هي زرع الثقة فيهم وتوضيح الصحيح والخاطئ لهم بدل المنع بدون مبرر ما يشجعهم على العناد لمعرفة الكامن خلف المجهول ليقعوا بعد ذلك في المحظور. الرافضون أول الحاضرين! وفي تناقض غريب رصدته «الرياض» لبعض مرتادي السينما في البحرين (فضل بعضهم عدم ذكر أسمائهم او الظهور على صفحات الجريدة)، وذلك من خلال رفضهم لفكرة إقامة دور سينمائية في المملكة، رغم تواجدهم داخل صالات السينما في البحرين ترافقهم زوجاتهم وأبناؤهم!، حيث برر أحدهم بأن السينما في المملكة ستساهم حسب وجهة نظره في المساهمة في زيادة العنف والاختلاط والانحلال الأخلاقي، - ولكن رغم مشاهدته للسينما باستمرار مع نادر عبدالله يتحدث للزميل هيثم عائلته لم يبدو عليه كل مايقول، مما يعني أنها أوهام ومخاوف غير مبررة-. بينما يخشى احمد الضويان من افتتاح سينما في المملكة، وذلك خوفا من تقليد الشباب لما يشاهدونه من مشاهد تحتوي على الكثير من العنف؛ مع اقتناعه بأن مسألة افتتاحها ليس إلا مسألة وقت لا أكثر، وذلك نظراً للتغير الكبير في أفكار المجتمع السعودي الذي بدأ يتقبل الكثير من الأمور التي كان يرفضها في السابق، كما حدث مع دخول الأطباق الفضائية والتي قوبلت بالرفض والمحاربة في بادئ الأمر ليحمل بعد ذلك اغلب المنازل السعودية أكثر من طبق في دلالة واضحة بأن الأفكار لا تبقى على ما هي عليه. وعند سؤالنا عن الفيلم الذي ينوي مشاهدته ابتسم وأجاب بأنه سيحضر الجزء السادس من فيلم الرعب "المنشار"، وذلك لأن الفيلم يعتبر من الأفلام التي تحتوي الكثير من مشاهد العنف والدم!. مصاريف كثيرة لا تعتبر قيمة تذكرة الدخول للسينما مشكلة في وجه من يرغب الحضور في قاعات السينما في الدول المجاورة للمملكة، حيث لا تتجاوز قيمتها 30 ريالاً، إلا أن أي شخص في المملكة يرغب بمشاهدة فيلم سينمائي سيكون مجبورا لدفع ما لا يقل عن 100 ريال على اقل تقدير؛ على افتراض ان المبلغ السابق يدفعه شخص من سكان المنطقة الشرقية القريبة من البحرين والذي سيدفع 60 ريالاً للجسر، إضافة ل 30 ريالا قيمة التذكرة و10 ريالات للفشار والعصير!. وهذا ما جعل عبدالمجيد العيسى من محافظة الأحساء يطالب بالسماح بإقامة دور عرض السينما داخل المملكة، وفق ضوابط شرعية تشرف عليها وزارة الثقافة والإعلام لتقديم أفلام تساعد في القضاء على وقت الفراغ الطويل الذي يعاني منه الكثير من الشباب؛ خصوصا مع إغلاق الكثير من المجمعات والمتنزهات بداعي أنها للعوائل فقط!، وهذا ما يجعلهم يغتنمون أي فرصة للذهاب للبحرين لمشاهدة آخر ما يستجد في عالم السينما. ويضيف العيسى الذي يعشق الأفلام العربية الكوميدية وأفلام "الاكشن" انه يزور سينما البحرين بما لا يقل عن مرتين في الأسبوع؛ رغم ان المسافة تتجاوز 230 كم وتحتوي على الكثير من التحويلات المرورية بسبب مشاريع إعادة رصف طريق الأحساء والدمام. بينما طالب عبدالحميد الحكيم بالنظر للكم الكبير من الأموال التي يصرفها السعوديون خارج المملكة، بسبب توجههم للدول المجاورة لمشاهدة الأفلام السينمائية التي يستطيع الغالبية الحصول عليها من الانترنت او من خلال شرائها من الأسواق المتجولة. ويضيف "لا احد ينكر بان أكثر رواد دور السينما في البحرين هم الشباب والعائلات السعودية، وذلك دليل على تعطشهم لمشاهدة ما يتم عرضه من أنواع مختلفة كأفلام الكرتون والأفلام العائلية وغيرها من أفلام الاكشن والحركة والتي يستهويها عادة الشباب، وهذا ما يؤكد ان توفر صالات للسينما في المملكة (وفق الضوابط المطلوبة) سيساهم بنسبة كبيرة في الحد من نزيف الأموال الخارجية، إضافة المساعدة في تنشيط السياحة الداخلية والتي للأسف لا تجد رواجاً لدى الكثير من الشباب والعوائل السعودية، خصوصا مع تواضع الحملات الإعلانية عن الفعاليات الموجودة في المملكة، كما ان فتح دور للسينما سيساهم بكل تأكيد لخلق فرص توظيف للشباب السعودي". ويذكر الحكيم ان متوسط ما يصرفه عند زيارته للبحرين لمشاهدة فيلم سينمائي مع زوجته وابنته الصغيرة لا يقل عن 300 ريال، وتزيد عند رغبة العائلة في مشاهدة فيلم آخر، إضافة لمصاريف التسوق التي بالإمكان صرفها في مجمعات المملكة. بينما تصل مصاريف عبدالناصر عبدالواحد مع عائلته المكونة من زوجة وولد لأكثر من 1000ريال، نظراً لقدومه من الرياض وسكنه لليلة واحدة في البحرين. أجواء السينما رغم امتلاكه للسينما المنزلية في منزله بجدة، الا انه لا يفوّت فرصة الاستمتاع بمشاهدة الأفلام السينمائية من خلال الشاشات العملاقة في دورالسينما في البحرين، او أي دولة أخرى يسافر لها. هذا ما ذكره احمد بادريق المتواجد في البحرين من خلال رحلة عمل خاصة، مشيراً إلى أن هناك فرقاً كبيراً بين أجواء السينما المخصصة للعروض الجماهيرية اذا ما قورنت مع شاشات المنزل مهما كان حجمها.