كشف مشروعان للبحوث، عن أدلة جديدة على أن الأرض «باتت أكثر دفئاً مما كانت عليه». واستخدم أحد فريقي البحوث بيانات الأقمار الاصطناعية، لتعقب مدى انتشار الحياة النباتية في مناطق خطوط عرض أعلى من تلك التي لم تكن تتيح درجات حرارتها الباردة انتشار النباتات. ودرس فريق آخر الجليد وأنواع الترسبات المجمعة من حول الكرة الأرضية، لاحتساب السجل المتواصل لدرجات الحرارة على مدى السنوات ال 11300 الماضية. ووجدت دراسة بيانات الأقمار الاصطناعية 1982 - 2011، التي تموّلها وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، أن النباتات الأرضية النامية في مناطق تصل إلى 45 درجة شمال خط العرض للمحيط المتجمد الشمالي، «باتت أكثر تماثلاً مع تلك التي كانت في مناطق تقع عند 4 - 6 درجات إلى الجنوب منها قبل 30 سنة». وأفاد كومبتون تاكر من مركز «غودارد» للرحلات الفضائية لدى وكالة «ناسا» في غرينبلت في ولاية ماريلاند، وهو المؤلف المشارك للنتائج المنشورة في مجلة «تغير المناخ في الطبيعة» (نايتشر كلايمت تشاينج) هذا الشهر، بأن «الأمر يبدو وكأن وينيبيغ في مقاطعة مانيتوبا في كندا، تحركت في اتجاه مدينة مينيابوليس - سانت بول في الولاياتالمتحدة خلال 30 سنة». واستناداً إلى بيان صحافي نشرته وكالة «ناسا»، «مددت اتجاهات ارتفاع درجات الحرارة موسم النمو، ما أفضى إلى مساحات شاسعة من «النباتات المنتجة والبالغة النشاط» التي تمتد عبر ثلث الأراضي الطبيعية الشمالية». وأكدت رانغا ماينيني من كلية الأرض والبيئة في جامعة بوسطن، أن «خطوط العرض العليا الشمالية تزداد دفئاً، وبات يتقلّص الغطاء الجليدي لبحر القطب الشمالي ومدة بقاء غطائه من الثلوج، وأصبح موسم النمو أطول، وغدا نمو النباتات أكثر». وعلى امتداد أكثر من 9 ملايين كيلومتر مربع، وهي مساحة تعادل تقريباً مساحة الولاياتالمتحدة القارية، «باتت الحياة النباتية التي تغطي الأراضي الطبيعية الواقعة في أعلى خط العرض 45 شمالاً، تشبه الأراضي الطبيعية لعام 1982 الواقعة بين 400 و700 كيلومتر إلى الجنوب». وما تصفه ماينيني ب «ظاهرة الاحتباس الحراري المتضخمة»، أصبح يخلق أنظمة بيئية تنتج نباتات لم يسبقها أي نظير في الماضي. إذ تحتبس زيادة التركيزات في غازات الاحتباس الحراري، حرارة كوكب الأرض، وتمنعها من التشتت في الفضاء، ما ينتج منه معدل حرارة أعلى على سطح كوكب الأرض. لذا أصبح يذيب هذا الدفء على الأرض جليد البحر القطبي والغطاء الثلجي، بالتالي يخلق محيطات ومناظر طبيعية داكنة أكثر، ويضاعف أثر ارتفاع درجة الحرارة. وأتاح مشروع بحوث مشترك لثقوب الجليد وأعماق الرواسب، أُجري في 73 موقعاً حول العالم، للعلماء احتساب درجات الحرارة خلال ما يزيد على قرن مضى. وأكد العلماء من جامعتي ولاية أوريغون وهارفارد، أن كوكب الأرض في القرن الحادي والعشرين «كان أكثر دفئاً بنسبة تتراوح بين 70 و 80 في المئة، مما كان عليه في السنوات ال 11300 الماضية». وقالت مديرة البرامج في المؤسسة القومية للعلوم كانديس مايجور: «يُظهر هذا البحث تسجيل مدى تغير درجات الحرارة ذاته منذ بدء الثورة الصناعية، ويماثل كل ما شهدناه عبر السنوات ال 11 ألفاً الماضية من تاريخ الأرض، لكن هذا التغير الجديد حصل بقدر من السرعة أكبر بكثير». واستنتج باحثون آخرون توقعات حول المناخ، رجحت «زيادة في الاحتباس الحراري تتراوح بين درجة واحدة وست درجات في الحرارة بحلول نهاية هذا القرن»، ويُعزى ذلك إلى «حد كبير إلى زيادة انبعاثات الكربون». وأعلن خبير المناخ في جامعة ولاية أوريغون بيتر كلارك، وهو مؤلف مشارك في هذا البحث، أن «الأمر الأكثر إثارة للقلق يتمثل في أن هذه الزيادة في الحرارة ستكون أعلى كثيراً من أي وقت مضى في الأعوام ال11300 الماضية». إن البطء في تغير درجة الحرارة على مدى الفترة المذكورة، مقارنة بالتغيرات السريعة خلال السنوات المئة الماضية، يقود الباحثين إلى استنتاج يفيد بأن انبعاثات الكربون الداخلة إلى الغلاف الجوي والناجمة عن النشاطات البشرية، هي التي «سببت هذا الاتجاه في زيادة الحرارة».