من دون مقدمات، تحوّلت مباراة الهلال والاتحاد إلى معركة خارج الميدان، وفجأة تصدرت واجهة المشهد الاتحادي أشباح أزمنة مضت وبدلاً من أن تغذي العميد طاقة تكفيه لتخطي «الزعيم» وما بعده ألقت به في الهاوية. شارة القيادة التي أُشبعت طرحاً، والعشاء الغريب، وأخبار العودة، والأهم من ذلك وعود الأوهام التاريخية، كل تلك المشاهد أعادت صورة هزيلة لفريق عاجز عن الفوز داخل الملعب، لكن أولئك الذين حولوا الفريق العنيد إلى مسخ تناسوا أن العميد أكبر من أن تحركه مباراة، وأن جماهير الفريق تنتظر تعديلاً حقيقياً ينتشل الفريق ويعيده إلى سابق عهده. هذا التعديل الأهم جاء أول من أمس، إدارة محمد بن فايز التي تمر بأسوأ الظروف التاريخية نجحت على عكس كل سابقاتها في كتابة التاريخ وتجسيده واقعاً. للمرة الأولى تخرج أية إدارة سعودية بقرار يقضي بوقف سبعة من أهم عناصر الفريق، بغض النظر عن القيمة الجماهيرية لها، أتحدى أن تنجح إدارة أي نادٍ بوقف لاعب بحجم محمد نور أو مبروك زايد أو حمد المنتشري مثل تلك القرارات التي سمعنا عنها آلاف المرات من إدارات سابقة، وحده محمد بن فايز أقرها واعتمدها وها هو اليوم يمضي قُدماً في تنفيذها. القرارات الضخمة إن نجحت في التحول إلى واقع فسيدون التاريخ للاتحاد أنه كان الوحيد الذي نجح في ضبط الفريق على حساب أشهر اللاعبين التاريخيين، لكن الكابوس سيتحقق إن تراجع ابن فايز عن قراراته، حينها يتحول اللاعبون ومن دون مقدمات إلى مُلاك للنادي، ووقتها لن تكون لأحد كلمة عليهم ولن يجدوا رادعاً. كتبت ما كتبت وأنا لا زلت مقتنعاً بأن محمد نور سيظل أحد أهم الرموز الكروية في السعودية وقارة آسيا عموماً، لكن النظام متى طُبق فيفترض أن يشمل كل مقصر. عيب يا جلال أُدرك جيداً التاريخ المميز الذي يملكه الحكم السعودي خليل جلال، لكن التصرف الذي أقدمت عليه إدارة نادي الاتحاد بإبعادها للاعب نايف هزازي إلى نهاية الموسم بعد تهجمه بطريقة «همجية» على زميله عبدالله الزوري، وضع جلال في موقف محرج جداً، خصوصاً وأنه تجاهل تدوين الحادثة في تقريره. هذا التجاهل يطرح سؤالاً مهماً على جلال مفاده: «لماذا أغفلت تدوين تلك الحادثة؟». من غير المعقول أن نقول إن جلال يكره الهلال أو الزوري أو تربطه صلة قربة بهزازي، فهو في نهاية الأمر حكم مباراة وقاضٍ في الملعب، لا يتأثر بكل ما يحدث خارجه. اليوم أجد نفسي عاجزاً عن لوم جماهير الهلال متى رفضت أن يتولى جلال تحكيم المباريات التي يكون فريقها طرفاً فيها، ببساطة لأن جلال «من دون أن يدري» أساء إلى الهلال، وظهر كما ولو كان يقصد سلب الفريق الأزرق حقه، فعلى رغم تجاهله «اعتداء» هزازي، إلا أنه كان مميزاً في التقاط هتافات الجماهير وتدوينها والمطالبة بمعاقبة الهلال. [email protected] adel066@