من أهم ما يشغل بال الوالدين أو أحدهما، المسؤول المباشر عن الأطفال في حال الانفصال هو مساعدة أبنائه في تنمية قيم كالصدق والصدقية، واحترام النظام، واحترام الناس، والإيمان بالمبادئ الجميلة في الدين والحياة والثقافة العامة، وهذا جزء من تربيتهم لا يقل أهمية عن تعليمهم القراءة والعلوم المختلفة. القيم التي نعلمها لأطفالنا هي أفضل وقاية لهم من تأثير أي شيء سيئ، وهذه الأيام يعيش أبناؤنا تجربة غريبة عليهم نتفهمها نحن الكبار، وهي هروب معلميهم ومعلماتهم غير السعوديين من المدارس الأهلية خشية حملة التفتيش الجديدة أو القبض عليهم وأخذهم من المدرسة. أعرف أن أكثر الأبناء لا يحبون المدرسة إجمالاً، لكن على رغم ذلك هناك ارتباط عاطفي عند بعضهم، يزداد بوضوح عند الطالبات، فيصبح ما حدث أمامهم مؤثراً في نفسياتهم إذا كانوا صغاراً، وإذا كانوا كباراً يصبح لديهم قلة احترام لمدرستهم، المنشأة التعليمية التي يُفترض أنها تعلمهم وتسهم في تربيتهم، لأنها تخالف النظام الذي تملأ ممرات المدرسة بلوحات تدعو إليه. ثم هناك نظرتهم إلى المفتشين، فبعض الأطفال يعتقد أنهم «شريرون» لأنهم سبب اختفاء المعلمة أو المعلم، وهذا أيضاً شأن نفسي مهم في بناء نظرة الأطفال إلى النظام والوطن. حظنا مع التعليم لا يزال يتعثر، عانينا من اختطاف الحكومي وبعض الأهلي فكرياً، ثم مع نمو البلاد وكثرة العباد، نعاني اليوم من ترهل واضح، يدل عليه إهمال مُلاك ومديري المدارس للنظام، وإدارتهم لهذه المنشآت الخطرة على بناء المجتمع بنفس عقلية إدارة البقالة والمطعم ومصنع الطوب. نقاشكم مع أبنائكم هذه الأيام مهم جداً، إيصال الصورة بأقل ضرر ممكن سيساعدهم كثيراً، وإذا كان البعض يظن أنني أُعطي الموضوع أكبر من حجمه، فعليه بالجلوس مع طفلته طويلاً وبهدوء وسيرى، بل سيفاجأ بأفكارها عما حدث في مدرستها. أعتقد أن من الأخطاء التي نرتكبها هو التسليم بأن المدارس حصون أخلاقية متينة، ومن أخطائنا أيضاً الاطمئنان إلى البناء السلوكي لأولادنا طالما هم متفوقون دراسياً ودرجات المواظبة والسلوك لم تمس. أيضاً أغلبنا يفضل عدم مشاركتنا كآباء وأمهات تجاربنا مع الآخرين، ولفتني أن هناك منظمة عالمية اسمها «الهوم بيس»، وأُترجمها ب«قاعدة المنزل»، وهي تتكون من آباء يستخدمون برامج متخصصة حول (الرعاية الوالدية عن طريق الموضوعية) لتعليم الأطفال القيم. هذه المنظمة تعتقد أن «القيم الأخلاقية سعادة لأطفالنا، ولذلك يجب أن نعلِّمَها لهم. فالسعادة الفردية والجماعية ترتبط بالسلوك الذي تحكمه قيم أخلاقية، هذا إذا لم تكن نتيجة مباشرة لها، وليس من قبيل المصادفة أن قام الأنبياء والحكماء في مختلف الثقافات والبلدان بتعليم القيم الأساسية نفسها». سيقول البعض إن القيم في ديننا وتعليمنا الديني ممتازة، وأقول إن هذا صحيح نظرياً، لكن المنتج الذي نراه عملياً لا يشي بذلك، ومن يقوم بالإنتاج وهو المدرسة في هذه الحال يخالف الدين بمخالفته ولي الأمر وقوانين البلاد وغشه للناس. [email protected] mohamdalyami@