يصحب الكاتب والمصمم كميل حوّا قارئ كتابه «كلام صور» في إبحار بصري أدبي، فمن خلال 195 صورة فوتوغرافية ل40 مصوراً سعودياً، يحلّق به عبر الفن الفوتوغرافي والأدب النثري. إذ جاءت تعليقاته على الصور، في كل صفحة من صفحات الكتاب البالغة 102 صفحة، في نصوص قصيرة أسماها «كلام صور»، هي مزج بين النثر والشعر والوصف والتعريف والقراءة، وهي في كل حال كلام مرسل له نصيب من البيان البليغ والكتابة الفنية غير المتقيدة بقالب محدد. لذا كان «كلام صور» عنواناً للكتيب الأنيق في استطالته بقياس الحجم الصغير (24 - 12 سم)، وفرادة تصميمه التي نفّذتها وأصدرتها دار المحترف السعودي، كما لو كان قائمة طعام (مينيو) تحوي بيان وجبات ماتعة من الصور والكلمات. والكتاب بمحتواه يمثل استكشافاً جمالياً للصور المتنوعة التي تأخذ القارئ في كل صورة إلى تفاصيل ثرية في البيئة السعودية، بما تحمله من جماليات المكان والإنسان والحراك. وهي بالضرورة مشبعة بحمولات ثقافية ومعرفية، وملتقطة بحساسية العين النابهة للحظة الجديرة بالتسجيل. لهذا عمل مؤلف النصوص، بأسلوبه البسيط في مخاطبة قارئه، على أن يلحم كل صورة ناقلة لهذه الجماليات بمتعة أدبية تضاهي مواضيع الصور. خصوصاً أن الكتابة متأسسة في دفق قريب من روح الشعر، بما تتضمنه من تشبيهات وكنايات ومجازات، بل أحياناً تنحى إلى تلميحات في قراءة الصورة في لونها وتكوينها وضوئها والإشارة إلى مدلولها ومضامينها وربما التعريف بملتقطها وتوصيفها. كتب معلقاً على صور للمصور عبدالعزيز البقشي، تظهر رجلاً طاعناً في السنّ بتجاعيد تملأ وجهه. «لماذا تترصد الحزن في وجهي أيها الفتى؟ حاذر فيه لحظة الغضب، هذه العصا لن تشق الأرض أو تتحول أفعى، ولا الوشاح جناح طير! لكل واحدة زاوية يلجأ إليها، هيا شاركني كأس الشاي، لكن أسرار الحزن تبقى طي هذه التجاعيد». ثم علّق على صور التقطها المصور خالد عبدالرحمن للطبيعة من قرية تنومة الواقعة في جنوب المملكة، مخاطباً قارئه: «قف، هلا قصدت تنومة؟ وما أدراك ما تنومة، السماء والأرض، عند حدودها تتبادلان الأشياء، الأشياء لهواً، مد نظرك إلى أعلى، تلمس عينيك صخراً، فيه أصداء الريح، وانظر تحت قدميك.. يا للغيم». ولا تخلو بعض كلمات الصور من الطرافة، إذ يقرأ متصفح الكتاب صوتاً هامساً يعلق على صورتين أحداهما لرجل عجوز في حال انتظار والثانية لطفلة مندهشة بفرحة. «بين لحظة الانتظار والفرحة والمفاجئة، سكينة ماثلة للتأمل. مجريات حياة يومية. بسيطة لا تهم أحد. يقول كلمة أو كلمتين. إحداهما: ممنوع الدين!». ويعبر كميل حوّا عن دافعه لجمع هذه الصور، فيقول: «ما دفعني إلى جمع هذه الصور هو أنني أحببتها، بل أفصحت عبرها عن فرحي بالكفاءات الفوتوغرافية الشابة، فحين كانت تنشر الصور في ملف يتوسط مجلة القافلة كنت أكتب النص بانسجام وانفعال حقيقيين». ويختم حوّا كتابه بكلماته: «ليس لي في هذا الكتيب إلا الكلمات القليلة المرصوفة على أطراف الصفحات. ولكن بها أكون، أنا وهذه الصور الجميلة وأصحابها وكثير منهم غدوا أصحاب، قد تعادلنا». الكتيب حمل صوراً لمصورين هواة ومحترفين سعوديين وسعوديات، منهم: زكي غواص، مصلح جميل، هيفاء المطوع، أحمد ماطر، سوزان باعقيل، أشرف إحسان فقيه، نسرين الدار، أثير السادة، ريا بنجر، فاطمة آل صويميل، عوض الهمزاني، أروى غواص، ماجد المالكي، عبدالرحمن الفنتوخ، سعود محجوب وغيرهم. وكانت الصور وكلماتها نشرت في أعداد سابقة من مجلة القافلة الصادرة عن أرامكو.