اعتُبر تعيين «الإصلاحي» باك بونغ جو رئيساً للوزراء في كوريا الشمالية أمس، مؤشراً إلى تصميم زعيم الدولة الستالينية كيم جونغ أون على انتشال الاقتصاد المتداعي، في موازاة تبني «خط استراتيجي جديد» يدعو إلى تعزيز الترسانة النووية. في غضون ذلك، هددت كوريا الجنوبية ب «رد عنيف»، ملوّحة بضربات وقائية على منشآت نووية وعسكرية في الشمال، فيما واصلت واشنطن تحدي بيونغيانغ، إذ نشرت مقاتلتين من طراز «إف - 22» خفيتين، لتشاركا في مناورات عسكرية مع سيول. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية بأن باك بونغ جو (74 سنة) أدى القسم الدستوري خلال اجتماع سنوي للبرلمان، خلفاً لشو يونغ ريم (82 سنة). ويأتي ذلك بعد يوم على تعيين باك عضواً في اللجنة المركزية للمكتب السياسي لحزب العمال الشيوعي الحاكم. وقاد باك الذي تولى رئاسة الوزراء بين 2003 و2007، إصلاحات اقتصادية هدفت إلى منح مزيد من الاستقلالية للشركات الرسمية ولقطاع الإنتاج الزراعي، وإصلاح الأجور وإتاحة الفرصة لمزيد من الممارسات الاقتصادية الحرة. كما انتهج سياسة لتحرير الأسعار طُرحت عام 2002. لكنه أوقف عن عمله عام 2006، وعُزل في السنة التالية، إذ واجه احتجاجاً في الجيش، إثر فشل إصلاحاته. وأوردت صحيفة «ماينيتشي شيمبون» اليابانية أن باك أُقيل من منصبه بسبب اقتراحه نظاماً للأجور يقدّم حافزاً على أساس كل ساعة عمل، لا شهرياً، ما اعتُبر مشابهاً جداً للرأسمالية الأميركية. وباك حليف أساسي ليانغ سونغ ثايك، زوج كيونغ هوي، العمة النافذة لكيم جونغ أون. ويتولى يانغ رسمياً منصب نائب رئيس لجنة الدفاع الوطني التي يرأسها كيم جونغ أون. وإذ يفتقر الأخير إلى خبرة عسكرية حقيقية، يُعتبر يانغ صاحب نفوذ قوي في البلاد. وقال تشو بونغ هيون، وهو خبير في اقتصاد كوريا الشمالية: «باك يعمل بأوامر من يانغ. هل باك إصلاحي؟ يانغ حاول جعل الاقتصاد محور القيادة» في البلاد. واعتبر يانغ مو جين من جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، أن «تعيين باك يظهر في شكل لا لبس فيه، أن كوريا الشمالية تريد التركيز على الاقتصاد»، فيما رأى جون ديلوري، وهو أستاذ ومحلل حول شؤون كوريا الشمالية في جامعة «يونسي» في سيول، أن «باك هو وجه الإصلاح الاقتصادي ذي الخصائص الكورية الشمالية». وتبنى البرلمان في بيونغيانغ أمس، قانوناً «يعزّز وضع الدولة التي تملك أسلحة نووية للدفاع عن النفس»، إضافة إلى قانونين حول تطوير القدرات الفضائية وإقامة مكتب لذلك. وكانت اللجنة المركزية لحزب العمال الشيوعي الحاكم أعلنت الأحد بعد اجتماع رأسه كيم جونغ أون، «خطاً استراتيجياً جديداً» يعتبر أن السلاح النووي يشكّل «حياة الأمة»، كما يدعو إلى بناء اقتصاد أكثر قوة. في سيول، أبلغت الرئيسة الكورية الجنوبية بارك غيون هي وزير الدفاع كيم كوان جين وقادة عسكريين، وجوب أن «نرد في شكل عنيف وفوري، من دون أي اعتبار سياسي، إذا غامر (الشمال) في استفزاز شعبنا». ولوّح وزير الدفاع بتوجيه ضربات وقائية، قائلاً: «سنلجأ سريعاً إلى ما نسميه ردعاً فاعلاً، للقضاء على التهديدات النووية والباليستية للشمال» الذي كان هدد بشنّ هجوم نووي على الولاياتالمتحدة، معتبراً أن شبه الجزيرة الكورية باتت في «حال حرب»، بعدما تحدّت واشنطن تهديدات بيونغيانغ، ونفذت قاذفتان خفيتان من طراز «بي - 2» القادرتان على حمل سلاح نووي، تدريباً فوق كوريا الجنوبية. لكن الولاياتالمتحدة واصلت تحديها كوريا الشمالية، إذ أعلنت انضمام مقاتلتي «ستيلث» من طراز «إف - 22 رابتور» إلى قاذفات من طراز «بي - 52» و «بي - 2»، للمشاركة في مناورات عسكرية في الشطر الجنوبي، تنتهي آخر الشهر. إلى ذلك، أوردت صحيفة «واشنطن بوست» أن كوريا الشمالية أخفت أي أثر لتجربة نووية نفذتها في شباط (فبراير) الماضي، ما يعزّز شكوكاً بتطويرها نموذجاً جديداً من القنابل يستخدم اليورانيوم المرتفع التخصيب، ويؤجج مخاوف من تعاونها مع إيران.