سيول - ا ف ب - تدشن وفاة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل، مرحلة من الغموض في الدولة الستالينية المنعزلة، لكن محللين يستبعدون فرضية حدوث اضطرابات ضخمة في نظام أعد على مدى سنتين لتنصيب نجله الأصغر كيم جونغ أون خلفاً له. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية الى أن كيم توفي بسبب «أزمة قلبية» ألمت به داخل قطاره، خلال إحدى تنقلاته الميدانية، معتبرة أنه رحل «نتيجة إرهاق فكري وجسدي كبير». ووسط مظاهر حزن في البلاد، توافد مواطنون الى تمثال كيم سونغ إيل، والد كيم جونغ إيل ومؤسس الدولة الستالينية. وبعد ساعات على إعلان وفاة كيم، أفادت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء بأن بيونغيانغ نفذت تجربتين لصاروخين قصيري المدى، قبالة سواحلها الشرقية. ونقلت الوكالة عن مسؤول حكومي ان اطلاق الصاروخ، ليس مرتبطاً بإعلان وفاة كيم، بل ل «تحسين فاعلية (الصواريخ) ومداها». وحمل الإعلان عن وفاة كيم جونغ ايل (69 سنة) الذي حدث السبت الماضي، كيم جونغ أون الذي لم يبلغ الثلاثين من العمر، إلى رأس السلطة في النظام الشيوعي الوراثي الوحيد في العالم. ودعت وسائل الاعلام الرسمية في بيونغيانغ، الى مبايعة الزعيم الجديد. وافادت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية: «كل أعضاء الحزب (الشيوعي) والجيش والشعب، يجب ان يخضعوا بكل أمانة لسلطة الرفيق كيم جونغ أون، وأن يسعوا بحزم الى حماية وتعزيز وحدة حزبنا وجيشنا وشعبنا». واعتبرت ستيفاني كلاين البراندت، وهي محللة في «مجموعة الازمات الدولية» في بكين، أن حتى الصين، وهي إحدى الدول الحليفة القليلة لكوريا الشمالية، الى جانب روسيا، «قلقة جداً لأنها كانت ترغب قبل كل شيء بأن تشهد انتقالاً هادئاً بين كيم وابنه». واضافت: «الفكرة كانت ان يبقى كيم جونغ ايل متواجداً لسنتين إضافيتين، ما كان سيتيح له وضع الآليات اللازمة لانتقال السلطة في شكل كامل». أما البروفسور جوزف شينغ من جامعة هونغ كونغ، فرجح حدوث «فوضى، إذا لم ينجح تنظيم الخلافة»، مشيراً الى ان ذلك فرضية ترغب بكين «بالتأكيد بتجنبها، إذ يمكن أن تزعزع استقرار الحدود» وتؤدي الى تدفق للاجئين الى اراضيها. لكن خبراء كوريين جنوبيين يعتبرون أن انتقال السلطة الذي تسارع بعد اصابة كيم جونغ ايل بجلطة في الدماغ عام 2008، لن يؤدي الى «تقلبات فورية في السياستين الداخلية والخارجية» لبيونغيانغ. ويرى بايك هاك سون من مركز «سيجونغ اينستيتيوت» الفكري في سيول، أن كيم جونغ اون «يمسك بحزم بزمام السلطة، وأن كل المسؤولين في عهد كيم جونغ ايل قرروا في الساعات ال48 الاخيرة، مساندة كيم جونغ أون بوصفه زعيماً جديداً». واضاف ان المسؤولين الكوريين الشماليين «حضروا كل شيء، والنظام يبدو مستقراً». وزاد: «عهد كيم جونغ أون بدأ». اما بايك سونغ جو الذي يعمل في «المعهد الكوري للتحليلات العسكرية»، فاعتبر أن الشمال نظم بدقة عملية انتقال السلطة، مشيراً الى ان «الجيش وعائلة كيم (جونغ ايل) سيعملان على تعزيز دور كيم جونغ اون الزعيم والالتفاف حوله». ويتوقع البروفسور يانغ مو جين من جامعة سيول، أن تؤدي كيم كيونغ هوي، الأخت الوحيدة لكيم جونغ ايل، وزوجها جانغ سونغ تايك، دوراً بارزاً الى جانب الزعيم الجديد، يؤازرهما رئيس الأركان ري يونغ هو. ويتوقع عدم حصول تغييرات في السياسة الخارجية، فيما تجري بيونغيانغ وواشنطن مشاورات مباشرة. ورجح بايك سونغ جو أن يحاول الزعيم الجديد «تقاسم السلطة مع قادة الجيش، أو عقد تحالف إستراتيجي معهم»، من دون ان يستبعد «نزاعات على السلطة مستقبلاً». ردود دولية أعرب ناطق باسم الخارجية الصينية عن «صدمة» بلاده بنبأ وفاة «الرفيق رئيس كوريا الشمالية»، مضيفاً: «نقدم تعازينا الحارة للشعب الكوري الشمالي». وأبدت الحكومة الصينية ثقتها بمواصلة التعاون مع بيونغيانغ، واصفة كيم جونغ ايل بأنه «قائد عظيم وصديق مقرب». وقدّم الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف تعازيه الى كيم جونغ أون. وأعلن البيت الابيض أن الرئيس الأميركي باراك اوباما ونظيره الكوري الجنوبي لي ميونغ باك، ناقشا خلال اتصال هاتفي التعاون الأمني الوثيق بين واشنطن وسيول، بعد إعلان وفاة كيم. وأشار البيت الأبيض الى ان أوباما «جدد تأكيده التزام الولاياتالمتحدة القوي ضمان استقرار شبه الجزيرة الكورية، وأمن حليفتنا القريبة كوريا الجنوبية». وأعرب وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه عن أمله بأن «يتمكن الشعب الكوري الشمالي من الحصول على حريته»، لافتاً الى أن باريس ستكون «متيقظة جداً إزاء عواقب الخلافة». أما وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ فأبدى أمله بأن تكون وفاة كيم «نقطة تحول بالنسبة الى كوريا الشمالية»، فيما اعتبر ناطق باسم الخارجية الالمانية أن ذلك يشكل «فرصة لتغيرات» في الدولة الستالينية. وقال: «وجود دولتين كوريتين، وضع لا يحتمل».