رسم زائرو مهرجان «سوق هجر»، طابورين طويلين، أحدهما للرجال والآخر للنساء أمام المكان الذي يجلس فيه عبد الرحمن الربيعة، في انتظار أن يتسلموا حصتهم من أرغفة الخبز الحارة، التي يخرجها تنوره الفخاري. ويمارس الربيعة عمله بنوع من الفخر والحسرة، فهو يخشى أن يكون «آخر خباز سعودي في الأحساء»، فلم يعد في المحافظة، سواه وأحد أصدقائه، يمارس هذه المهنة. ويعمد الربيعة، إلى توزيع الخبز مرة على طابور الرجال، الواقفين إلى يمينه، وأخرى على النساء، اللاتي اصطففن إلى اليسار منه. ويذكر أنه يمارس هذه المهنة منذ 54 سنة، بعد أن تعلمها من أحد أصدقائه، الذي ما زال يعمل معه. لافتاً إلى أنهما شاركا في المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية، لأكثر من 15 مرة. كما شاركا في مهرجانات وفعاليات تراثية في مناطق المملكة. ويقول الربيعة بعفوية: «أحمد الله كثيراً؛ كلما رأيت إقبال الناس على الشراء»، مضيفاً «أجهز العجين منذ الفجر. ويتكون من: التمر، والدقيق البر، والملح، والخميرة، والماء. وأمارس الخبز في المهرجان حتى الليل». وأضاف «ستندثر هذه الحرفة بعد وفاتي أنا وصديقي، فلا يوجد غيرنا سعودي في الأحساء يتقنها. أما البقية؛ فهم أجانب، ويفتقدون النفس الأحسائي في صنع الخبز»، مبدياً استعداده «لتدريب وتعليم كل من يرغب في تعلم هذه الحرفة مجاناً»، داعياً كل من له علاقة بالحرف القديمة إلى «دعم تعليمها وتدريبها للجيل الجديد، حتى لا تندثر، إذ حاولت تعليم أبنائي حرفتي، لكنهم رفضوا، وأبدوا عدم رغبتهم تماماً في تعلمها. لكني على أتم الاستعداد لتعليمها الشباب». وفي موقع آخر من قصر إبراهيم الأثري، وسط مدينة الهفوف، حيث أقيم مهرجان «سوق هجر» طوال الأيام العشرة الماضية، تجلس جواهر المريحل، لتمارس النقش بالحناء. وتقول: «كنت أهوى الرسم والفن التشكيلي. ثم حاولت الرسم بالحناء، وتدربت عليه قليلاً حتى أتقنته، فهو يحتاج لشيء من الدقة». وتحمست جواهر للمشاركة في المهرجان هذا العام، «بعد ما سمعت عنه من الصديقات، ووجدت إقبالاً كبيراً من السيدات والأطفال، إذ نقشت الحناء لأكثر من 300 سيدة وطفلة حتى الآن. والمردود المادي يحفز على المشاركة في المهرجانات المقبلة».