بدأ الجيش الروسي أمس، مناورات ضخمة في البحر الأسود، تكرّس إحياء تقاليد سوفياتية، من خلال عرض «عضلات عسكرية» في شكل مفاجئ، ومن دون إبلاغ الدول المجاورة لروسيا، وسط تكهنات بأن تثير الخطوة قلق أوكرانيا وجورجيا واهتمام الحلف الأطلسي. وفي سابقة لم تشهدها روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1990، أمر الرئيس فلاديمير بوتين ببدء المناورات فجأة، أثناء عودته فجراً من زيارة لجنوب أفريقيا حيث شارك في قمة دول مجموعة «بريكس». وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن بوتين، بصفته القائد العام الأعلى للقوات المسلحة الروسية، «أمر في الساعة الرابعة من فجر الخميس، بتنفيذ مناورات عسكرية ضخمة في البحر الأسود». وأشار إلى أن المناورات هدفها «اختبار مفاجئ للكفاءة القتالية للقوات» الروسية، موضحاً أن «وزير الدفاع سيرغي تشايغو تسلّم مظروفاً مغلقاً، تضمّن أمر القائد العام الأعلى» (بوتين). وأعلن بيسكوف أن 7 آلاف عسكري مشاركين في المناورات، إضافة إلى 36 سفينة ترابط في قاعدتي سيفاستوبول ونوفوروسيسك، و250 مصفحة و50 مدفعاً من عيارات عدة و20 مقاتلة ومروحية. وزاد أن موسكو لم تبلغ أي جانب بالمناورات، بينها الحلف الأطلسي والدول المجاورة، موضحاً: «الأعراف الدولية لا تنصّ على إبلاغ الشركاء مسبقاً، وبينهم الحلف الأطلسي» بمناورات لا يتجاوز عدد الجنود المشاركين فيها سبعة آلاف. وقالت مصادر عسكرية إن «السفن غادرت قواعدها، لتنفّذ إنزالاً بحرياً في ثلاثة ميادين». وأكد الكرملين أن سياسة تنفيذ مناورات عسكرية مفاجئة، ستتواصل في الفترة المقبلة، و «ستكون تقليداً دورياً»، في استعادة للأسلوب المتّبع خلال العهد السوفياتي. ولم يستبعد خبراء أن تثير الخطوة قلق الدول المجاورة لروسيا والحلف الأطلسي الذي ترابط سفنه قرب المنطقة، خصوصاً أن موسكو كانت نفذت مناورات مفاجئة أولى بالأسلوب ذاته، نهاية الشهر الماضي في وسط روسيا وشرقها. ويرى خبراء عسكريون أن قطعات روسية تلقت أوامر مفاجئة بالتأهب وبدء مناورات ضخمة، مشيرين إلى أن أجهزة الرصد التابعة للأطلسي رصدت تحريكاً لقوات نووية، ما أثار قلق الحلف ودفعه للتأهب. ورجّح بعضهم أن تفاقم المناورات التي قد تستمر أياماً، تدهور العلاقات مع جورجيا وأوكرانيا، جارتي روسيا المطلتين على البحر الأسود، علماً أن تركيا وبلغاريا ورومانيا تطلّ عليه أيضاً. وأدى الأسطول الروسي في البحر الأسود، والذي تقع قاعدته الرئيسة في ميناء سيفاستوبول الأوكراني، دوراً حيوياً في الحرب مع جورجيا عام 2008، بسبب إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الانفصاليين في جورجيا. وتشكّل النزاعات مع أوكرانيا، بسبب استمرار استئجار روسيا قاعدة بحرية مطلة على البحر الأسود، قضية شائكة في العلاقات بين البلدين. وكان بوتين أكد أخيراً، خلال اجتماع مع قيادات عسكرية، أهمية وجود جيش قوي خفيف الحركة، مشدداً على أن بلاده ستواصل تعزيز قدراتها في مواجهة تحديات جديدة. وخلال 13 سنة في السلطة، استشهد بوتين غالباً بتهديدات خارجية، لدى حديثه عن ضرورة الدفاع عن وحدة روسيا وسيادتها.