طالب اقتصاديون بسرعة معالجة مشكلة البيروقراطية الحكومية، باعتبارها أبرز معوقات تدفق الاستثمارات الأجنبية في المملكة، معتبرين أن الاستثمار الأجنبي في البلاد ما زال ضعيفاً، وأن رؤوس الأموال الأجنبية لا تمثل قيمة مضافة للاقتصاد السعودي حتى الآن. وانتقد هؤلاء، في حديثهم إلى «الحياة»، عدم وجود محاكم اقتصادية لحل مشكلات المستثمرين، واعتبروها من العوامل السلبية للاستثمار الأجنبي في السعودية. غير أنهم رأوا أن انخفاض المخاطر الاقتصادية في المملكة، ووفرة وضخامة مشاريع البنية التحتية الكبيرة، والإعفاء الضريبي على الأرباح، وعدم وجود قيود على دخول وخروج العملات الأجنبية وتحويل الأرباح، يغري المستثمرين الأجانب على دخول السوق السعودية. ورأى رئيس مركز «ارك» للدراسات والاستشارات الدكتور خالد الحارثي، أن الاستثمار الأجنبي ما زال ضعيفاً في المملكة، كما أن رؤوس الأموال الأجنبية لا تمثل قيمة مضافة للاقتصاد السعودي حتى الآن، معرباً عن اعتقاده بأن هناك دوراً أكبر على الهيئة العامة للاستثمار لحل مشكلة البيروقراطية في القطاعات الحكومية، إذا كنا نتحدث على تعزيز الاستثمار الأجنبي، ودعم توظيف الأيدي العاملة، حتى يكون شريكاً في الدورة الاقتصادية المحلية. واعتبر الحارثي أن الإجراءات الحكومية البيروقراطية من أكبر الصعوبات التي تواجه المستثمرين الأجانب في السوق المحلية، وزاد: «عندما فتحت هيئة الاستثمار فروعها في المملكة، قدمت ما يسمى بجميع الخدمات في مكان واحد، ومع تغيير الشخصيات القيادية في الهيئة تغيرت السياسة الداخلية في التعامل مع حاجات المستثمر الأجنبي، وهذا يكشف أن العمل لم يكن مؤسسياً». وأضاف: «لا يزال الاستثمار الأجنبي ضعيفاً على رغم التسهيلات الكبيرة التي قدمت له، والمستثمر الأجنبي أصبح في فترة من الفترات يتستر على المستثمر السعودي»، واصفاً بيئة الاستثمار السعودية بأنها طاردة. وشدد على أن السياسة المالية السعودية المتحفظة تسير بخطى متزنة، وأظهرت الأزمة المالية العالمية في عام 2008، أن الأثر السلبي للأزمة في السوق السعودية كان أقل مما في الأسواق العالمية بكثير، كما أن الحذر والرقابة المصرفية الشديدة أسهما في تقليص تأثيرات الأزمة. من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد شمس، أن عدم وجود محاكم اقتصادية لحل مشكلات المستثمرين، يعتبر من العوامل السلبية للاستثمار في السعودية، غير أن ما يغري المستثمرين الأجانب على دخول السوق السعودية انخفاض المخاطر الاقتصادية. وزاد: «المستثمر السعودي يتمتع بالفرصة الأكبر للاستثمار في المملكة، خصوصاً أنه على معرفة جيدة بالأنظمة، لكن المستثمر الأجنبي ذكي ويقوم بدرس البيئة الاستثمارية، ويحصل على معلومات لا تقل عن معلومات منافسة السعودي». أما أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلالي، فوصف بيئة الاستثمار في المملكة، بأنها ملائمة جداً، بسبب «وفرة مشاريع البنية التحتية الكبيرة، إضافة إلى الإعفاء الضريبي على الأرباح مدة 15 عاماً، ما يعد عنصراً من عناصر الجذب، وعدم وجود قيود على دخول وخروج العملات الأجنبية و تحويل الأرباح، على عكس ما يوجد في كثير من دول العالم الثالث، وغير ذلك من الأمور التي تشكل عناصر جذب للمستثمرين الأجانب». فيما أوضح الدكتور فيلالي إلى أن صغر السوق المحلي يعتبر من أبرز الصعوبات التي قد توجه المستثمرين الذين يعمدون إلى زيادة تدفقات رؤوس أموالهم في الأسواق الكبيرة، وزاد: «السوق السعودية لا تحتاج إلى أموال المستثمرين الأجانب، بل إلى جلب المستثمرين إلى النظام الإداري والتكنولوجيا الحديثة إليها».