أثار إعلان الرئيس السوداني عمر البشير تنحيه عن السلطة بعد عامين، جدلاً في أوساط حزبه المؤتمر الوطني والمعارضة، وقال مسؤول في الحزب الحاكم إن نائب الرئيس علي عثمان طه الأقرب إلى خلافته، بينما رأى تحالف المعارضة أن النظام الحاكم يحتضر وينهار من الداخل وتمسّك بإطاحته قبل موعد الانتخابات المقبلة. وأكد رئيس قطاع العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الوطني في السودان، إبراهيم غندور، أن النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه هو الأقرب إلى خلافة البشير في الترشح للانتخابات المقبلة بحكم أنه ظل نائباً للرئيس لفترة طويلة. وأقر غندور بوجود تحدٍ في حال البحث عن مرشح آخر يكون خليفة حقيقياً للبشير، يتمثّل في سد الثغرات التي كان يملأها الرئيس والمتمثلة أولاً بالمقبولية وثانياً بالشجاعة وثالثاً بالقدرة على اتخاذ القرار. واستبعد اختيار بديل من الشّخصيات المقربة من البشير، مشيراً في هذا الصدد إلى وجود قيادات كثيرة قريبة جداً إلى قلب الرئيس، وتحظى بتقديره واحترامه، لافتاً إلى أن ذلك لن يكون له تأثير في قرار المؤتمر الوطني. وأضاف أن القرار النهائي في شأن خلافة البشير يعود إلى المؤتمر العام للحزب والذي سيلتزم به الرئيس، لافتاً إلى أن قرار تأجيل المؤتمر العام إلى العام المقبل لم يتخذ بعد، وأن الحديث حوله يدور في بعض دوائر اتخاذ القرار داخل الحزب، وأنه ربما يعقد في الربع الأخير من هذا العام. كما نفى مسؤول التنظيم في الحزب الحاكم حامد صديق أن تكون هناك صعوبات تواجه الحزب في شأن اختيار خليفة للبشير لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2015. وأفاد في تصريحات صحافية بأن المؤتمر الوطني حزب يقوم على العمل المؤسساتي وله مكتب قيادي يتألف من 45 قيادياً و17 مكتباً قيادياً في الولايات، وليست لديه مشكلة في آليات اختيار قيادته. لكن حزب الأمة المعارض بزعامة الصادق المهدي طالب البشير بتسليم السلطة إلى الجيش في حال عدم رغبته بالاستمرار في الحكم فترة رئاسية جديدة، ورأى أن تنازله عن السلطة من شأنه أن يزيد من أزمة الحكم الراهنة في حال مغادرته الكرسي قبل التوافق على ترتيبات تعيد للبلاد أوضاعها الدستورية التي كانت سائدة قبل الانقلاب الذي حمله إلى السلطة في حزيران (يونيو) 1989. وأكد مسؤول الإعلام في حزب الأمة نجيب الخير عبدالوهاب في تعميم صحافي أن الحزب الحاكم الذي فشل في الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات التي سبقت ذلك التغيير، لا ينبغي أن يكون وريثاً للأوضاع التي صنعت باسم الجيش. وطالب البشير إن كان عازماً على عدم الاستمرار في الحكم باسم القوات المسلحة، بأن يحذو حذو رفاقه في القوات المسلحة القومية في انتفاضة نيسان (أبريل) 1985 التي أطاحت حكم الرئيس السابق جعفر نميري، ويشرع قبل مغادرته السلطة في ترتيبات انتقالية، تكون القوات المسلحة جزءاً منها، بحيث تعيد هذه الترتيبات للحكم شرعيته الدستورية وتؤمن دور القوات المسلحة في حماية الدستور والسلطة المنتخبة ديموقراطياً. لكن تحالف المعارضة سخر من حديث البشير الذي أكد فيه عدم رغبته في الترشح في الانتخابات المقبلة ووصف ذلك ب «الوهم». وقال مسؤول الإعلام في التحالف المعارض المحامي كمال عمر إن النظام الحاكم في ورطة حقيقية، واصفاً حديث البشير بأنه «لا قيمة له»، لافتاً إلى أن البشير لديه عدد كبير من المشاكل منها الجرائم ضد الإنسانية والقتل والتشريد التي ارتكبها نظامه في إقليم دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق إلى جانب قضايا الفساد. وأردف عمر: «موقفنا الحقيقي والمبدئي هو زوال هذه النظام وإسقاطه من جذوره ولن نقبل بوراثة حزب المؤتمر الوطني الحاكم». وتابع: «النظام الحاكم يحتضر وحديث البشير مثل سكرات الموت». وكان البشير جدد عدم رغبته في الترشح لدورة رئاسية جديدة وأعلن عن تحركات داخل حزبه لاختيار مرشح جديد. إلى ذلك، أعلن مجلس الوزراء السوداني في اجتماعه الدوري أمس برئاسة البشير بدء تنفيذ اتفاقات التعاون مع جنوب السودان، وناقش تقريراً في شأن المحادثات الأخيرة مع دولة الجنوببأديس أبابا طرحه وزير الدفاع عبدالرحيم حسين. وقال الناطق باسم مجلس الوزراء عمر محمد صالح في تصريحات صحافية إن التقرير أشار إلى أنه تم الاتفاق على تنفيذ انسحاب قوات دولتي السودان وجنوب السودان من المنطقة المنزوعة السلاح على حدود الدولتين التي ستكتمل الأحد المقبل. وذكر أن الاتفاق على إنشاء آلية مشتركة للمراقبة تختص بالنظر في شكاوى الطرفين الخاصة بدعم الحركات المسلحة في المناطق داخل وخارج المناطق المنزوعة السلاح وإيوائها، مبيّناً أن ذلك يعني ضمناً فك ارتباط حكومة جنوب السودان مع متمردي «الحركة الشعبية - الشمال» في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المضطربتين. وأصدر وزير النفط السوداني عوض أحمد الجاز، أمس الخميس، أوامر إلى شركات النفط العاملة في السودان لاتخاذ كل الإجراءات والتدابير المطلوبة لإعادة معالجة ونقل وتصدير النفط المنتج في جنوب السودان عبر الموانئ السودانية. وتضمن القرار الرسمي السماح بعمليات المعالجة والنقل والتصدير عبر منشآت السودان التي تشمل مراكز المعالجة المركزية وخطي الأنابيب وميناءي التصدير على البحر الأحمر في شرق السودان. وكانت دولتا السودان وجنوب السودان اتفقتا ليل الثلثاء - الأربعاء في أديس أبابا على إنشاء آلية جديدة مشتركة للمراقبة والتحقق من عدم إيواء أي طرف الحركات المتمردة والجماعات المسلحة في البلدين بجانب لجان لتلقي الشكاوى في شأن أية تحركات مناوئة. من جهة أخرى، هاجمت مجموعات مسلحة مركز شرطة محافظة برام بولاية جنوب دارفور وتمكنت من تحطيم أبواب الحراسات وتهريب 60 من النزلاء أعيد نصفهم إلى المعتقل في وقت لاحق بعد مطاردة مثيرة مع السلطات ومن بين الفارين 15 من المحكوم عليهم بالإعدام. وقال الناطق باسم الشرطة اللواء السر أحمد عمر في تصريحات إن المسلحين أحدثوا فوضى بالسجن وهرب 60 سجيناً من المحكومين والمنتظرين بدء المحاكمة، ولفت إلى أن السجن الذي تعرض للهجوم هو سجن مغلق. ونوّه إلى أنهم أعادوا 30 من المحكومين الفارين إلى السجن. وهذه المرة الثالثة التي تتعرض فيها الحراسات إلى هجوم مسلح يتسبب في هروب عدد من النزلاء.