يتجه حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان إلى اختيار مرشح جديد للرئاسة في الانتخابات المقبلة المقررة بعد عامين، بعدما جدد الرئيس عمر البشير رغبته في عدم الترشح لولاية جديدة. وشرع الحزب في تعديل نظم داخلية لتحديد معايير خليفة البشير تجنباً لأي نزاع داخلي بين مساعديه المتنافسين للصعود إلى الرئاسة. وكشفت تقارير أمس أن حزب المؤتمر الوطني بدأ في إجراء تعديلات على نظمه الداخلية الخاصة باختيار مرشح للرئاسة في الانتخابات المقررة فى نيسان (أبريل) 2015، إذ تستند المعايير الحالية على شخص المرشح («كاريزما») التي يتمتع بها رئيس الحزب عمر البشير وشعبيته وسط الناخبين. وفرغ الحزب الحاكم من إعداد النظم الجديدة استعداداً لعرضها على اجتماع شورى الحزب لإقرارها. وتركز المعايير الجديدة على اختيار أكثر من مرشح ومن ثم اختيار إسم واحد من بينها من المكتب القيادي للحزب مثل الطريقة التي يتبعها الحزب حالياً في اختيار مرشحيه في انتخابات حكّام الولايات بدلاً من ترشيح رئيس الحزب للرئاسة كما هو متبع. وجدد البشير تمسكه برفض ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة. وقال في حديث أجرته معه صحيفة «الشرق» القطرية وتنشره معها الصحف المحلية بالتزامن اليوم الاربعاء: «موقفي ثابت إن شاء الله، والآن تجري المداولات داخل حزب المؤتمر الوطني لكيفية تقديم مرشحهم في منصب الرئاسة والذي سيكون بعد عامين بالضبط حيث ستجري الانتخابات، ولديهم الوقت الكافي لترتيب أوضاعهم». وعن خليفته أو ما إذا ما أصر المؤتمر الوطني على ترشيحه هو، قال البشير: «ليس البحث عن شخصية، ولكن نحن نتكلم عن الحزب كيف يختار رئيسه في المرحلة المقبلة، ونحن عندنا مؤتمر كان من المفروض أن يُعقد هذا العام وتم تأجيله للعام المقبل، والمؤتمر مفروض أن يسمّي رئيساً للحزب، وقطعاً سيكون مرشحه للرئاسة». وأضاف البشير أنه أمضى نحو 24 عاماً في السلطة «وهي أكثر من كافية في ظروف السودان والناس يريدون دماء جديدة ودفعة جديدة لمواصلة المسيرة». وقالت مصادر مطلعة في الحزب الحاكم ل «الحياة» إن الحزب يسعى إلى تحديد معايير دقيقة لاختيار خليفة للبشير لمنع أي نزاع بين مساعديه في الدولة والحزب الذين يرغبون في الصعود إلى الرئاسة. ورأت أن تقارب أعمارهم وعملهم في الحكومة والحركة الإسلامية طوال العقود الماضية يجعلهم في وضع «أنداد» لا يرضى أحدهم بصعود زميله إلى موقع يعتقد أنه هو وليس غيره الأجدر به. وأشارت إلى أن وجود البشير كان عاملاً مؤثراً في عدم ظهور صراع بينهم بشكل علني منذ خلافه مع زعيم الإسلاميين حسن الترابي قبل 14 عاماً. إلى ذلك، أبطأت الخلافات في شأن فك ارتباط دولة جنوب السودان مع متمردي «الحركة الشعبية - الشمال» استئناف محادثات اللجنة العسكرية الامنية المشتركة بين البلدين التي كان يفترض أن تنطلق قبل يومين في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا برئاسة وزيري دفاع الدولتين عبدالرحيم حسين وجون كونغ. وانتظمت في اديس ابابا اجتماعات بين اللجان الفنية ووزيري دفاع البلدين تمهيداً للاتفاق على أجندة. وقالت مصادر مطلعة إن أزمة متمردي الشمال أطلّت برأسها من جديد، إذ تمسكت الخرطوم بالاتفاق على آلية للتحقق من فك ارتباط الجنوب مع متمردي السودان وخلو المنطقة الواقعة خلف العازلة (40 كيلومتراً جنوباً وشمالاً) من الحركات المناوئة للبلدين، في حين تتحفظ حكومة الجنوب عن ذلك وترفض اثارته باعتباره حُسم قبل اتفاقات التعاون التسع الموقعة بينهما في أيلول (سبتمبر) الماضي. وتدرس الوساطة الافريقية صوغ مقترح توفيقي لانقاذ المحادثات من الانهيار خصوصاً أن نجاحها يرتبط بإعادة ضخ النفط الذي حدد لانطلاقه - بحسب اتفاقهما السابق - الأحد المقبل. وعقدت الوساطة لقاءً مع كبار ضباط جيشي البلدين ضمن الوفد المفاوض في محاولة لتقريب مواقفهما في ما يتعلق بفك ارتباط الجنوب مع المتمردين الشماليين. من جهة أخرى، وقّعت الحكومة السودانية اتفاقاً مع قيادات ميدانية في تنظيم سمي «جبهة دارفور لرد المظالم» المنشق عن «حركة تحرير السودان» جناح عبدالواحد محمد نور. وكشف رئيس اللجنة المشتركة بين وزارة الدفاع وجهاز الأمن والاستخبارات السوداني للاتصال بالحركات المسلحة اللواء جمال عمر عن توصلهم إلى فهم مشترك مع المجموعة المنشقة - التي يبلغ قوامها 10 من القادة الميدانيين و500 عنصر مسلح وتملك 16 سيارة - يقضي بدمج تلك المجموعة في القوات الحكومية وفقاً لشروط الاستيعاب في الجيش. وأعلن عمر في مؤتمر صحافي في مقر قيادة الجيش في الخرطوم أن لديهم اتصالات مع مجموعات من الحركات المسلحة وأن الايام القليلة المقبلة ستشهد توقيع مجموعة من الاتفاقات مع مجموعة من العناصر المنشقة عن الحركات سواء في اقليم دارفور أو في ولايتي جنوب كردفان أو النيل الازرق. وقالت «جبهة دارفور لرد المظالم» في بيان إنها وخلال فترة تحالفها مع حركة عبدالواحد نور تكشفت لها «حقائق جلية» جعلتها تنشق عنه.