تواصلت أمس في العاصمة اليمنية صنعاء، فعاليات مؤتمر الحوار الوطني الذي كان بدأ أعماله الإثنين في إطار متطلبات المرحلة الانتقالية، لمعالجة مشكلات الجنوب وصعدة وبناء القوات المسلحة ووضع دستور جديد يمهد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 2014. وأكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي يرأس أعمال المؤتمر في كلمته أمس، أن بلاده لم تعد تحتمل أن يُفرض فيها أي طرف سياسي رأيه بالقوة، وأن فرص نجاح الحوار متوافرة إذا صدقت نوايا المشاركين فيه، وقال «إن اليمن لم يعد يحتمل أن يفكر طرف بفرض رأيه أو رؤيته أو سياساته بالقوة ولن يقبل اليمنيون بعد اليوم إلا فكرة التعايش بيننا جميعاً وقبول بعضنا بعضاً في ظل سيادة حكم القانون». وشدد هادي على ضرورة الالتزام بالنظام الداخلي لمؤتمر الحوار، ونصح المشاركين بالخروج بحلول توافقية ترضي الجميع، وحذرهم من حلول قال إنها «ستأتي من الخارج» في حال فشل المؤتمر في مهمته الوطنية، وقال: «من الضروري والمهم أن نستحضر في كل لحظة أننا دخلنا هذه القاعة لنخرج منها بحلول يمنية الصنع وطنية النكهة لمشكلاتنا التاريخية المزمنة، وليس بمزيد من الأزمات والمشكلات، وكلما تمكنتم من وضع الحلول المناسبة والصحيحة وفرتم على أنفسكم حلولاً ستأتيكم من الخارج الذي حسم أمره باتخاذ قرار دولي بالحيلولة دون نشوب صراع أو حرب في هذا البلد». واعتبر تطبيق الآلية الموضوعة لمؤتمر الحوار الوطني كفيلة بإنجاحه على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، إلا أنه عاد وحذر من مغبة محاولة إفشاله، مؤكداً أن التغيير في اليمن سيمضي بوجود المشاركين أو من دونهم، وقال مخاطباً أعضاء الحوار «هذه القاعة ستكون المرآة التي سيرى الشعب من خلالها كل الأطراف المعنيين على حقيقتهم من دون مكياج أو ديكور زائف، لأن ساعة الحقيقة دقت وستمضي العجلة إلى الأمام بكم أو من دونكم». وخصص المؤتمر جلستين أمس لإلقاء خطابات المشاركين، حيث أكد ممثل فصائل «الحراك الجنوبي السلمي» خالد مدهف أن مشاركة «الحراك» في الحوار تأتي في سياق سعيه إلى «استعادة دولة الجنوب». وقال: «إن الوحدة بين جنوب اليمن وشماله انتهت بفعل حرب صيف 1994 والتي تلاها الاحتلال الشمالي للجنوب». واقترح الأمين العام للحزب الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان أن يفتح الحوار أبوابه لبقية قوى «الحراك الجنوبي السلمي» للالتحاق به، في إشارة منه إلى الفصيل الجنوبي الذي يقوده نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض، والذي كان رفض المشاركة في الحوار وتمسك بمطلب الانفصال عن الشمال. وقال نعمان في خطابه «إن التفكير في المستقبل لا يحتمل أي رهان على أدوات الماضي السياسي، وإن ثورة الشباب الشعبية السلمية حملت معها رياح التغيير وثورة الحراك السلمي الجنوبي قبلها، واللتين كان لهما الفضل في إزاحة الجمود السياسي الذي غرقت فيه البلاد». وتفاجأ الحاضرون في جلسة الحوار الثانية بإعلان رئيس حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (الإخوان المسلمون)، محمد اليدومي انسحابه من مؤتمر الحوار، والتنازل عن مقعده لأحد «شباب الثورة» وفق قوله، ما يعد رسالة غير مباشرة منه تفصح عن عدم رضى أحد أكبر الأحزاب اليمنية وأكثرها تنظيماً عن مستوى التمثيل في الحوار وعن مشاركة أعضاء من حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح (المؤتمر الشعبي العام). ويعتقد مراقبون أن أرضية الحوار اليمني الذي قد يستمر ثلاثة أشهر لن تكون معبدة بالورود، في حين يأمل اليمنيون في تمكنه من إيجاد حلول لملفات البلاد الشائكة، وخصوصاً النزعة الانفصالية في الجنوب، والتمرد الشيعي في الشمال.