يحتار معلقون إسرائيليون في الشؤون الحزبية في قراءة الخطوات التي يمكن أن يقدم عليها في المستقبل النائب الأول لرئيس الحكومة موشي (بوغي) يعالون الذي غدا في غضون أقل من خمسة أشهر على عمر الحكومة الحالية أكثر وزراء «ليكود» تشدداً بعد أن تحدى مرتين رئيس الحكومة الذي استقدمه إلى عالم السياسة ونصّبه كالرجل الثاني، كانت الثانية هذا الأسبوع بإطلاق تصريحات عنيفة ضد اليسار الإسرائيلي والإعلام وعملية السلام، وغمز من قناة نتانياهو بأنه يقع تحت تأثر الإعلام الإسرائيلي ويخشى أن يخضع للضغوط الأميركية في مسألة الاستيطان. وكان يعالون عارض قبل شهر مشروع قانون لرئيس الحكومة لخصخصة الأراضي، لكنه عدل بعد أن هدده نتانياهو بإقالته. وكان نتانياهو استدعى على عجل مساء أول من أمس نائبه الأول «لاستيضاح» تصريحاته في الاجتماع الذي عقده زعيم حركة «قيادة يهودية» المتطرف موشي فيغلين. واكتفى نتانياهو بأن يصدر يعالون بياناً يقول فيه إن كلامه أخرج من سياقه، وإنه شريك كامل في بلورة سياسة الحكومة، وأنه يتحمل المسؤولية الجماعية لهذه السياسة، وانه لم يقصد توجيه انتقاد للحكومة أو لرئيسها نتانياهو بصورة شخصية «وإذا تم تفسير الأقوال في شكل آخر، فإني آسف على ذلك». كما تراجع يعالون عن تهجمه الشديد على اليسار الإسرائيلي، وأكد احترامه للنقاش الديموقراطي. واختلفت وسائل الإعلام العبرية في شأن ما دار في الاجتماع، وبينما أفادت صحيفة «هآرتس» أن نتانياهو وبخ يعالون على تصريحاته، رأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن رئيس الحكومة اتفق مع نائبه الأول على أنه تم إخراج أقواله من سياقها، فقرر ألا يوبخه وألا يتخذ إجراءات ضده لتفادي مواجهة في قيادة «ليكود» قد تقود إلى شرخ في الحزب. وفيما يرى معلقون أن يعالون، رئيس هيئة أركان الجيش السابق، ما زال في طور السياسي المبتدئ، مشيرين إلى أنه سرعان ما «ينحني» أمام رئيس الحكومة ويتراجع عن تصريحاته المتشددة، يرى آخرون أن الجنرال في الاحتياط إنما يطمح لبلوغ مكانة زعيم «المعسكر اليميني القومي» المتطرف ومنها إلى منصب رئيس الحكومة. وبحسب أوساط في «ليكود»، فإن نتانياهو بات يشعر بالخطر الذي يشكله يعالون على زعامته وأنه نادم على استقدامه إلى الحلبة السياسية ومنحه منصب النائب الأول في الحكومة. وترى هذه الأوساط أن الاختبار الحقيقي لولاء يعالون لرئيس حكومته وزعيم حزبه سيكون في حال وافق الأخير على الطلب الأميركي بتجميد البناء في المستوطنات أو قبل بخطة السلام المفترض أن يعلنها قريباً الرئيس باراك اوباما، إذ يتوقع في الحالين أن يثور قادة المستوطنين ضد نتانياهو، وعندها ستتجه الأنظار إلى الموقف الذي سيعلنه يعالون: هل يتماهى مع سياسة نتانياهو، أم يقف على رأس المعارضين لسياسته، علماً أن ثمة نواة ليست صغيرة داخل «ليكود» تعد العدة للتمرد عليه في حال مسّ بالمستوطنات، بحسب تعريفهم. وسيعقد أنصار المستوطنين في «ليكود» بعد أسبوعين اجتماعاً في مقر الحزب في تل أبيب دعي إليه وزراء (بينهم يعالون) ونواب من الجناح المتشدد لإطلاق دعوة – تهديد لزعيم الحزب رئيس الحكومة بأن يصدر أوامره لوزير الدفاع ايهود باراك بالتوقيع على رخص جديدة للبناء في مستوطنات الضفة الغربية. وقال المبادرون للاجتماع: «سنوضح أيضاً لنتانياهو أن الحزب سيشهد تمرداً ضده في حال خضع للضغوط الأميركية»، كما أفادت صحيفة «مكور ريشون» اليمينية المتشددة. لكن النائب المتشدد داني دنون قال للإذاعة العامة ان الاجتماع «ليس للتمرد ضد نتانياهو إنما للإعلان عن دعم نتانياهو في مواجهة الضغوط الأميركية والدولية لوقف الاستيطان». من جهته، أشار كبير المعلقين في صحيفة «يديعوت أحرونوت» ناحوم برنياع إلى أنه في موازاة الحرج الذي سببته تصريحات يعالون لنتانياهو، فإنها قد تساعد رئيس الحكومة في مواجهة الضغوط الأميركية على إسرائيل لوقف البناء في المستوطنات. وكتب المعلق: «ثمة عزاء قد يجده نتانياهو في مواقف يعالون بأنها ستساعده على التوضيح للمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل خلال لقائهما في لندن الأسبوع المقبل مدى صعوبة تليين موقفه» إزاء المعارضة الداخلية لوقف البناء. في غضون ذلك، دعا النائب داني دانون، أحد أضلاع المثلث المتمرد في «ليكود»، إلى تفكيك حركة «السلام الآن» اليسارية المناهضة للاستيطان والاحتلال التي وصفها يعالون ب «الفيروس»، ونزع قانونيتها بداعي أنها تتلقى الأموال من حكومات أجنبية لرصد النشاط الاستيطاني، من دون الكشف عن ذلك أو خضوعها للرقابة، وأنها تستغل هذه الأموال للمس بسياسة الحكومة الإسرائيلية، ملمحاً إلى أن الحركة تقوم بدور الخيانة. واتهم النائب الحكومات الداعمة للحركة بالتدخل في الشؤون الإسرائيلية الداخلية لإسرائيل.