تجري مفاوضات سلام بين الخرطوموجوبا بعد اشهر من المواجهات المتقطعة، لكن المراقبين يرون ان "هذه المفاوضات لن تؤدي الى وقف حركة التمرد في المناطق المحاذية لجنوب السودان في المدى القريب". ويقول المراقبون ان "الاتفاقات المبرمة الاسبوع الماضي بما فيها اتفاق انشاء منطقة منزوعة السلاح"، وان "كانت تضع حداً للخلافات بين جوباوالخرطوم الا انها لن تنهي التمرد في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق". وقال مجد الجزولي، الباحث في معهد الوادي المتصدع "حتى لو توقفت جوبا عن دعم (المتمردين في اراضي السودان) فهذا لا يعني ان النزاع سيتوقف. هذه الحرب مرتبطة بمشكلات داخلية ومجتمعية ينبغي معالجتها". ومنذ اشهر تطلب الخرطوم من جوبا تقديم ضمانات بأنها "ستتوقف عن دعم متمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان". لكن جوبا تنفي تقديم الدعم لهم. وخلال المباحثات، التي رعاها "الاتحاد الافريقي" نهاية الاسبوع الماضي، ليّن السودان موقفه حيال الضمانات ما اتاح التوصل الى "اتفاق حول تصدير النفط الجنوبي عبر الشمال وثمانية ملفات اخرى بينها المنطقة الحدودية منزوعة السلاح". واتفق الطرفان على جدول زمني محدد لتطبيق الاتفاقات التي ظلت حبراً على ورق منذ ايلول/سبتمبر. وتفصل المنطقة منزوعة السلاح على طول الحدود المتنازع عليها رسمياً السودان عن جنوب السودان، لكنها تهدف في الحقيقة الى "عرقلة حركة المتمردين الذين يقاتلون في هذه المنطقة منذ قرابة عامين"، وفق مصدر دبلوماسي. وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "انهم يأملون في ان تؤدي الاتفاقات تدريجياً الى اضعاف المتمردين". ولكن المراقبين يبدون قلقاً من "عدم وجود اي خطة للتفاوض مباشرة مع المتمردين". ويقول دبلوماسي افريقي "هذه نقطة الضعف الوحيدة في مجمل العملية"، مضيفاً ان عدداً من كبار مسؤولي "الاممالمتحدة" زاروا الخرطوم هذا الاسبوع "للضغط باتجاه اجراء مفاوضات مباشرة، تبدأ على الاقل بوقف لاطلاق النار يتيح ايصال المساعدات الانسانية الى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون". وتدعو "الاممالمتحدة" و"الاتحاد الافريقي" منذ اشهر متمردي الحركة الشعبية والخرطوم الى "التفاوض لحل النزاع"، الذي تسبب بنزوح اكثر من 200 الف شخص الى جنوب السودان واثيوبيا. وتؤكد الحركة الشعبية في شمال السودان انها "تقاتل لاسقاط نظام الخرطوم الذي يهيمن عليه العرب واقامة نظام ديموقراطي يحترم الاختلافات الاتنية وحقوق الانسان". وسلح السودانيون الجنوبيون متمردي الشمال، عندما كانت الحركة الشعبية هناك تشكل فرعاً من التمرد الجنوبي، ولكنهم يقولون انهم انهوا تعاونهم العسكري معها قبل استقلال الجنوب في تموز/يوليو 2011. لكن المحللين والدبلوماسيين يقولون ان "جوبا واصلت دعم المتمردين". وقال الجزولي ان "اقامة منطقة منزوعة السلاح سيجعل المتمردين في موقف ضعيف جداً، ويحرمهم من الدعم اللوجستي". واكد المتمردون انهم مستعدون لمفاوضات مباشرة مع الخرطوم التي تشترط لذلك ان يتوقفوا عن القتال ويقطعوا كل اتصال مع جوبا. وقال المصدر الدبلوماسي ان "مشكلة التمرد تبقى عامل فشل محتمل للاتفاقات بين السودانين، اللذين لم يعلنا عن موقف واضح بهذا الصدد". وقال المصدر الدبلوماسي "اخشى ان نواجه الحرب مجددا لعدة اشهر في جنوب كردفان".