دشن في صحراء اتاكاما في تشيلي مرصد "الما" اكثر المراصد الفلكية قوة في العالم، والذي يتيح للعلماء الغوص في اسرار نشأة الكون وتحقيق قفزات علمية هامة. ويقع هذا المشروع في هضبة شاخنانتور على ارتفاع خمسة الاف كيلومتر عن سطح الارض. وبدأ العمل بالمرصد باشارة من رائد الفضاء التشيلي انتونيو هاليس الذي قال "انتباه، غرفة المراقبة، وجهوا التسلكوب الى مركز الكون"، وذلك بعدما تلقى الضوء الاخضر من الرئيس التشيلي سياستيان بينيرا، بحسب مراسل وكالة فرانس برس. اثر ذلك تحرك 59 هوائيا من اصل 66 باتجاه مركز الكون، وسط تصفيق الحضور. وقال الرئيس التشيلي تعليقا على تدشين المرصد "هنا، في اكثر صحاري العالم جفافا، يعد تدشين هذا المرصد شرفا عظيما وقفزة لعلم الفلك ومراقبة الفضاء". وتتيح شبكة "الما" للتلسكوبات الراديوية مراقبة الضوء غير المرئي بالعين البشرية، مع طول موجات يقاس بالمليمترات وما دون المليمترات، اطول بحوالى الف مرة من الموجات الضوئية المرئية. وبذلك فإن نظام "الما" الذي يعتبر الة مدهشة لمراقبة النجوم، يمكنه تخطي سحب كثيفة من الغبار الكوني والوصول الى الاجزاء الابعد والاقدم والاشد برودة في الكون. واوضح ماسيمو تارينغي ممثل المرصد الاوروبي الجنوبي الذي يشارك في المشروع، لوكالة فرانس برس ان مشروع "الما" يمثل "ثورة حقيقية. سنتمكن من القيام بعمليات رصد مع مستوى دقة ووضوحية افضل بكثير مما هو متوافر اليوم وهذا الامر سيحول تماما نظرتنا الى جزء من الكون". واضاف "سنكتشف الكثير من الامور غير المعروفة لدرجة ان ذلك سيمثل ثورة كاملة". وسيستخدم نظام "الما" 66 هوائيا يزن كل منها اكثر من 100 طن يمكنها تحمل حرارة تتراوح بين -20 درجة مئوية و+20 درجة مئوية. وتم نقل اولى هذه الهوائيات الى الموقع في نوفمبر 2009. وهذه الهوائيات التي بالامكان تشغيلها كلها بالتزامن، ستعمل كتلسكوب عملاق واحد بقطر 16 كلم. وخلافا للتلسكوبات البصرية او العاملة بالاشعة دون الحمراء، بامكان "الما" استشعار اضعف الاشعاعات والغازات الموجودة في تكون النجوم الاولى والمجرات والكواكب الواقعة في المنطقة الاكثر ظلاما، بعدا وبرودة (بين -200 و-260 درجة مئوية) في الكون. وقال دييغو ماردونيس الاخصائي في علم الفلك في جامعة تشيلي لوكالة فرانس برس، مع الما سنتمكن من مراقبة تشكل وتطور المجرات والكواكب وفي هذا المجال تندرج جل التوقعات من المشروع. نعلم كيف حصل "الانفجار الكبير"، لكننا لا نعلم كيف تولد المجرات". وسيسمح نظام "الما" بالغوص اكثر في اسرار الكون وصولا الى معرفة اصل المادة العضوية والحياة. ويعود انطلاق مشروع "الما" الى العام 2003 عند توقيع الولاياتالمتحدة والمرصد الاوروبي الجنوبي اتفاقا اول لانشاء هذا المشروع الضخم، ثم انضمت اليابان الى المشروع في وقت لاحق. وخلص ماسيمو تارينغي الى القول "نحن نشكل جزءا من الكون ونرغب في معرفة المزيد عن انفسنا: معرفة من اين جئنا، ما كانت البداية، لماذا نحن هنا، كيف تكونت الارض والحياة والى اين نحن ذاهبون".