الأرجح أن تاريخ «يوم خصوصية البيانات» يثير اهتمام كثيرٍ من متابعي الشأن المعلوماتي، خصوصاً أن بدايته كانت في الولاياتالمتحدة: مهد صناعة المعلوماتية والاتصالات المتطورة وشركاتها العملاقة، وصراعاتها الضخمة أيضاً. ففي ثمانينات القرن العشرين، أقر الكونغرس «قانون خصوصية الاتصالات الإلكترونية» Privacy Act & the Freedom of Information Act، الذي يهدف إلى حماية خصوصية المواطنين في مجال الاتصالات الإلكترونية كالفاكس والمكالمات الهاتفية، إضافة إلى البيانات التي يجري تخزينها إلكترونياً. وقبل أن يُصبح تبادل الرسائل الإلكترونية أسلوباً رائجاً في التعاملات التجارية، اعتبر الكثيرون أن الرسائل الإلكترونية التي تُحفظ لأكثر من ستة شهور هي معلومات غير مهمة ولا تفرض الحصول على إذن قانوني للوصول إليها. ثم تغيرت الأحوال. واتضح أن كثيراً من مستخدمي شبكة الإنترنت يستعملون البريد الإلكتروني للإنترنت وكأنه صندوق مقفل خاص بهم. على رغم هذا، أجبرت جماعات الضغط المتصلة بالشركات العملاقة في المعلوماتية، الحكومة الأميركية على تبني معايير أقل تشدداً للخصوصية، بهدف الوصول إلى المعلومات الشخصية في الفضاء الإلكتروني، وهو أمر لا يحدث في الحياة الفعلية، إلا عبر إجراءات قانونية مُلزِمَة. إصلاح تشريعي أدرك بعض أعضاء الكونغرس خطورة هذا الوضع، ومنهم السناتور باتريك ليهي، وهو من الحزب الديموقراطي ويمثل ولاية فيرمونت ويترأس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ. وتجاوب ليهي مع مُطالبِات متنوعة وكثيفة من مواطنين أميركيين من كل الولايات، شددت على ضرورة تعديل قوانين تتصل بحرية الوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت. ولاحظ ليهي أن هناك مواد قانونية كثيرة يجدر إصلاحها في شأن خصوصية الاتصالات الإلكترونية، مشيراً إلى اعتزامه التركيز على هذه المسألة. وخلال اجتماع للكونغرس في عام 1988، أدخل السيناتور ليهي تعديلاً على قانون خصوصية الاتصالات الإلكترونية، بهدف تحديثه باتجاه تعزيز حماية خصوصية مستخدمي الإنترنت. وعمل على إلغاء حكم أساسي كان يسمح للحكومة الأميركية بالوصول إلى المعلومات المُخزنة في البريد الإلكتروني، إذا تجاوزت مدة تخزينها ال 180 يوماً. ولا بد من التنويه بجهود ليهي التي هدفت إلى تحديث قانون خصوصية الاتصالات الإلكترونية، وتشجيع صناع السياسات على السيطرة بشكل فعال على البيئة التكنولوجية الحالية والمستقبلية. ومنذها، دعمت «جمعية الإنترنت» الأميركية إصلاحَ القوانين المتعلقة بخصوصية الاتصالات الإلكترونية، مع الإشارة إلى أن قطاع الإنترنت الأميركي يتفهم مهمة تطبيق القوانين الضرورية للحفاظ على سلامة المواطنين. في المقابل، تتمسك شركات هذا القطاع بإلزام الأفراد بالحصول على إذن، بمعنى دفع أموال، قبل الحصول على المحتوى الإلكتروني، الأمر الذي يجده كثير من أنصار حرية تداول المعلومات مُعيقاً للمعرفة والإبداع في العصر الرقمي.