من يقرأ مشهد الصحافة في السعودية، ونحن في مطلع الألفية الميلادية الثالثة، يدرك بعيون منصفة أنها شهدت نقلة نوعية، وتتجلى تلك النقلة الكبيرة في الإمكانات المتاحة ل «صاحبة الجلالة» خلال تغطية موسم الحج الذي كان في السابق يمثل تحدياً كبيراً للصحافيين، إذ كانوا يعانون المتاعب ويواجهون المصاعب في سبيل تغطية هذه التظاهرة العالمية السنوية، أما اليوم وفي ظل الانفجار التقني الهائل وعصر مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، و«فيسبوك»، و«انستغرام»، فالوضع اختلف تماماً عما كان عليه. ويسترجع الكاتب الصحافي عبدالله خياط ذكريات وتاريخ الصحافة في الحج والذي بدأ قبل نحو 55 عاماً خلال حديثه إلى «الحياة» بقوله: «كنت أول من قام بإرسال بعثة صحافية إلى المشاعر المقدسة لتغطية أعمال الوزارات في الحج، وكان ذلك في عام 1963، عندما كنت مديراً لمكتب صحيفة البلاد في مكةالمكرمة»، مضيفاً أنه شكل فرقة عمل من المحررين والمصورين وصعدنا إلى المشاعر وتم إرسال المواد الصحافية من مكاتب الوزراء إلى مقر الجريدة، كما كان الزملاء المحررون يتلقون الأخبار والتغطيات من طريق الهاتف، واستمرت الحال هكذا حتى العام 1971. بدوره، يكشف الإعلامي المخضرم عبدالله الحسنين الذي قضى قرابة النصف قرن في العمل بالصحافة السعودية، أن محرري ومصوري الصحف كانوا يعانون كثيراً في السابق في بعثات الحج القديمة بسبب قلة وتواضع حال وسائل الاتصالات، مضيفاً أنهم كانوا يذهبون إلى مقر إمارة مكةالمكرمة لإرسال المواد الصحافية، مشيراً إلى أن الأخبار العاجلة كانت تنقل عبر أجهزة الهاتف «أبوقرص»، بينما يتولى سائق الصحيفة إيصال المواد والصوّر يومياً إلى جدة، واستمرت الحال أعوام عدة حتى دخول وسائل التقنية الحديثة المتنوعة، معتبراً أن التغطية الصحافية لموسم الحج تحوّلت من مشقة وتعب إلى مهمة ذات «متعة»، خصوصاً بعد الانفجار المعرفي ودخول عصر التقنية و«الواي فاي» ووسائل التواصل الاجتماعي «تويتر» و« فيسبوك» و«انستغرام». بينما يستبعد الكاتب الصحافي في صحيفة الشرق مساعد الخليفة أن تقتصر تغطية الحج مستقبلاً على الصحف الإلكترونية بعد أن تختفي «الورقية» عن مشهد تغطية الحج الصحافية، ويقول: «الكتب الإلكترونية لم تلغ الكتب الورقية، والتلفزيون لم يلغ الراديو، و«المحمول» لم يلغ الهاتف وعلى النمط نفسه والسياق ذاته لن يلغ الإعلام الإلكتروني الصحافة الورقية، خصوصاً في موسم الحج، لأن الحجاج اعتادوا على تصفح الجرائد من داخل مخيماتهم بالمشاعر المقدسة». ويضيف: «على رغم أن تطبيقات «فيسبوك» و«تويتر» وغيرهما من تطبيقات وسائل الاتصال والتواصل الحديثة، باتت متقدمة ومتسيدة وليس لها مثيل، إلا أن الورقية ستظل «حاضرة» في تغطية قصص وأخبار ضيوف الرحمن».