فيما تراوح الأزمة السياسية في مصر في مكانها، أطلت العثرة الاقتصادية مجدداً، بعد بوادر تعثر في حصول القاهرة على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 بليون دولار في ظل مطالبة الصندوق بإصلاحات اقتصادية من شأنها تقليل عجز الموازنة العامة للدولة المتوقع أن تتخطى حاجز 180 بليون جنيه (الدولار يعادل 6.76 جنيه). وأعلنت الحكومة المصرية عن خطط لترشيد دعم الطاقة لخفض عجز الموازنة، لكنها لم تشرع في تنفيذها في ظل أزمة طاحنة في توفير السولار وبعض مشتقات النفط أدت إلى ارتفاع أسعار سلع استراتيجية مثل الاسمنت والحديد، فضلاً عن رفع أسعار النقل ما زاد أسعار السلع الغذائية بمعدلات متفاوتة، ورفع معدلات التضخم. وبدا أن الحكومة قلقة من تطبيق إجراءات التقشف وترشيد الدعم لئلا تواجه الأسواق بموجة جديدة من الغلاء تسبب تراجعا في شعبية جماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة قبل انتخابات برلمانية يشرع مجلس الشورى في إعداد قانون جديد لإجرائها بعدما ألغى القضاء الإداري قرار رئيس الجمهورية بدء الاقتراع في 22 نيسان (أبريل) المقبل، وأحال قانونها على المحكمة الدستورية العليا، فلجأ البرلمان إلى إعداد قانون جديد لتجاوز خطوات التقاضي التي قد تُسبب إرجاء الانتخابات لشهور. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة علاء الحديدي انه «لن يتم التوقيع على قرض صندوق النقد الدولي إلا في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي يراعي البعد الاجتماعي». وأشار إلى أنه «لم يتم الاتفاق على موعد وصول بعثة الصندوق للقاهرة». وأقر بأن «صعوبات تواجه الوضع الاقتصادي»، وأن «كلفة الانتظار أكبر بكثير من كلفة الإصلاح». وقالت السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون إن الحكومة الأميركية على اتصال مستمر مع صندوق النقد والدول المانحة لتقديم المساعدات اللازمة للاقتصاد المصري للتعافي سريعاً. وأضافت باترسون، خلال زيارتها أمس الغرفة التجارية في الإسكندرية، أن الحكومة المصرية «تعلم أن المساعدات مرتبطة بتنفيذ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وأن يتم ذلك على وجه السرعة لأن من شأنه أن يؤدي إلى تدفق رؤوس الأموال»، داعية إلى «ضرورة التغلب على المشاكل المتعلقة بهيكلة الاقتصاد المصري». وتسعى الحكومة المصرية إلى التوصل لاتفاق مع المعارضة على «هدنة سياسية» لإنهاء حال الاضطراب في الشارع، مقابل الاتفاق على ترتيبات إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة ترتضيها كل الأطراف. لكن أي اختراق في هذا الصدد لم يحدث بعد، وسط استمرار المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين على كورنيش النيل قرب ميدان التحرير في وسط القاهرة، وتواصل معارك الكر والفر بين الطرفين.