القاهرة – هيثم محمد تحرير مرسي من كماشة زيادة الضرائب والالتزام مع صندوق النقد الدولي. ترسيخ أقدام حزب الحرية والعدالة في البرلمان لأربع سنوات مقبلة. جاء إعلان قطر الثلاثاء عن مضاعفة مساعداتها المالية لمصر من 2.5 مليار دولار أمريكي إلى خمسة مليارات دولار ليشكل «متنفساً مؤقتاً» للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني مصر منها حالياً، ويمنع نشوب أزمة سياسية لحزب الحرية والعدالة قبل الانتخابات البرلمانية. وتواجه مصر أزمة في احتياطيها من النقد الأجنبي الذي تآكل من 36 مليار دولار مطلع 2011 إلى قرابة 15 مليار دولار في نهاية 2012 وهو مستوى وصفه البنك المركزي بأنه «حرج» إذ يكفي بالكاد لتغطية ثلاثة أشهر من الواردات الرئيسة من السلع الغذائية والمحروقات. وما يزيد من تفاقم الأزمة تراجع عائدات السياحة التي تشكل المصدر الأول من العملات الأجنبية، كذا معدل الاستثمارات الأجنبية، وألقى هذا الوضع بثقله على قيمة الجنيه المصري الذي يسجل تراجعاً قياسياً أمام الدولار الذي بلغ سعره 6.48 جنيه. وأعلن رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم الثلاثاء في القاهرة أن بلاده ضاعفت مساعداتها المالية لمصر من 2.5 إلى خمسة مليارات دولار (قيمة القرض نفسه الذي طلبته مصر من صندوق النقد الدولي تقريباً) من بينها أربعة مليارات دولار في شكل وديعة لدى البنك المركزي ومليار دولار منحة، وهو ما جاء بعد ساعات من بيان لصندوق النقد الدولي قال فيه إن «وفداً فنياً من الصندوق سيزور مصر خلال أسبوعين لمواصلة مفاوضات قرض الصندوق لمصر». وتعطي الودائع القطرية إدارة الرئيس المصري محمد مرسي أريحية كبيرة لتمديد أجل مفاوضات قرض صندوق النقد الدولي ذي الآثار الاقتصادية والاجتماعية المقلقة إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في غضون شهرين. ويعتقد مجدي صبحي، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن المساعدات القطرية المالية المفاجئة تعد ترجمة حقيقية لكون النظام المصري يحظى بدعم من قبل بعض حلفائه السياسيين وفي مقدمتهم قطر. وقال صبحي في تصريحات خاصة ل«الشرق»: «أهمية الودائع القطرية هي أنها تساعد على عبور المرحلة من شهر يناير إلى مرحلة الانتخابات البرلمانية ليبدأ بعدها تطبيق شروط قرض صندوق النقد الدولي بآثاره المقلقة للمجتمع». وتجرى الانتخابات البرلمانية في مصر في غضون شهرين حسبما ينص الدستور المصري الجديد الذي تم إقراره قبل أسبوعين. وقال صبحي «هناك خطر سياسي حقيقي من تطبيق قرض صندوق النقد الدولي حالياً قبل الانتخابات»، مضيفاً «آثاره المجتمعية ستؤثر سلباً على فرص حزب الحرية والعدالة الإخواني في الانتخابات». وسيؤدي تطبيق القرض لتقليل مصر الدعم على السلع الرئيسة وزيادة الضرائب على سلع أخرى ما يقلل من العجز في موازنة الدولة، وهي الإجراءات التي يشترطها صندوق النقد الدولي قبل حصول أي دولة على قرض مالي منه. وقال صبحي «قليل من أوجه رفع الدعم سيمس محدودي الدخل، لكن بعضها أيضاً سيمس متوسطي الدخول»، وتابع «زيادة أسعار بنزين 95 لا يشعر بها إلا الأغنياء لكن زيادة سعر بنزين 90 و92 والسولار سيؤثر بشكل غير مباشر على كل السلع». وشدد صبحي «الجميع سيتأثر ولو بشكل غير مباشر عبر ارتفاع تكلفة خدمة النقل وهو ما سيقلل من حظوظ الحرية والعدالة الانتخابية بشكل كبير بسبب الغضب الشعبي». وتتفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار أمريكي تراه القاهرة ضرورياً ك»شهادة ثقة» في اقتصادها ما يفتح تدفق المزيد من المساعدات الدولية لمصر. وأوضحت الباحثة الاقتصادية مي إيهاب أن قرض الصندوق مهم لزيادة المصداقية المالية لمصر، قائلة ل»الشرق»: «قرض النقد الدولي يخضع لمجموعة من السياسات والإجراءات لتقليل عجز الموازنة وعجز ميزان المدفوعات كشروط أساسية للحصول على قروض الصندوق»، وأضافت «حينها يعلن الصندوق شهادة تأمين أن مصر بلد قادر على سداد ديونه، وبالتالي يعطي ثقة واطمئنان لمَنْ يقوم بإقراض مصر في المستقبل أنه قادر على استرداد أمواله». وتشير التوقعات إلى قدرة مصر الحصول على نحو 12 مليار دولار أمريكي كمساعدات، وهو ما يراه خبراء غير كافٍ لكنه يعطي راحة للاقتصاد المصري لاستقبال استثمارات أجنبية. وبنظر لشروط قرض صندوق النقد الدولي كشروط قد لا تحظى برضا شعبي، خاصة تلك المرتبطة بخفض دعم الدولة للسلع المكلفة مثل: الوقود والمواد الغذائية، وكانت مصر وصندوق النقد الدولي قد توصلا لاتفاق مبدئي بخصوص القرض في نوفمبر الماضي، ما تبعه إصدار مرسي لقانون يرفع من الضرائب على عديد من السلع والبضائع الاستهلاكية في ديسمبر، لكن مرسي قرر تجميد تفعيل القوانين بعد ساعات قليلة من إصدارها تحت ضغط الغضب الشعبي الذي أثارته، وهو ما يبدو أنه قابل للتكرار مجدداً، لكن القرض القطري سيؤجله لما بعد الانتخابات البرلمانية.