ترافق انطلاق معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الراهنة، مع خبر منع كتاب «الربيع العماني» للكاتب سعيد الهاشمي المسجون بتهمة «التجمهر» كما أعلن عنها. لكنّ الرقابة سارعت إلى الإفراج عن الكتاب الصادر عن دار الفارابي، لتؤكد على لسان وزير الإعلام العُماني عبدالمنعم الحسني، أنّ زمن الرقابة التقليدية ولّى، وأنّ عُمان أضحت واحداً من البلدان المنفتحة رقابياً، وهي لم تبادر الى منع كتب من دخول المعرض السنوي الذي يستقطب كثيراً من الزوار يومياً. ورأى بعضهم أنّ مقدمة الناشر كانت كافية لمنع الكتاب في ظلّ الرقابة القديمة، بحيث كُتب على ظهر الكتاب: «لماذا هذا الكتاب؟ إن ما يحدث الآن في عُمان هو إحدى لحظات الصراع الطبيعي والتدافع الإيجابي بين قوى اجتماعية جديدة تعبر عن حيوية سياسية متصاعدة، وبين مسؤولين في السلطة يريدون إبطاء هذا الحراك أو إيقافه». ويضيف: «الحراك الشعبي العماني أعلن عن ذاته بكل وضوح من أنه سائرٌ، وبكل ثقة نحو الديموقراطية، والبناء الدستوري والتشريعي، وتعزيز كرامة الإنسان وتأصيل حقوقه وصيانة حرياته». واستطاعت إشاعة منع الكتاب أن تساهم في نفاد طبعاته منذ الساعات الأولى لافتتاح المعرض. ومعه أيضاً كتاب آخر لناشطة أخرى هي حبيبة الهنائي، مع فارق أنّها لا تروي تجربتها مع أحداث الربيع العماني، وإنما تحكي مغادرتها لمهجرها الافريقي أثناء الأحداث التي أنهت الوجود العماني في زنجبار، وما جاورها في منتصف الستينات عقب مجازر قضت على عشرات الآلاف من العمانيين والعرب. ورأى مدير المعرض يوسف البلوشي أنّ النشاط كان ناجحاً، مشيراً إلى رقابة منفتحة وإقبال كبير على شراء الكتب، وبخاصة الإصدارات العمانية التي حققت هذا العام رقماً قياسياً مع وجود أكثر من 140 عنواناً جديداً من 26 دولة. وأوضح البلوشي أن الإقبال على تلك الإصدارات من الزائرين العمانيين الذين رأوا في مثقفيهم نضجاً إبداعياً جديراً بالمتابعة. واعتبر البلوشي أن معرض الكتاب شهد حراكاً أدبياً وثقافياً تمثّل بإقبال على الشراء في كل المجالات الثقافية والسياسية والعلمية. ولم ينف تسجيل تجاوزات من دور النشر، وعدم التزامها الأسعار المحددة، من خلال اعتماد إدخال لجنة التنظيم للفهرس الإلكتروني الذي يتيح للزوار معرفة تفاصيل الكتاب وسعره. وبعد الانتقادات القاسية التي تُوجَّه سنوياً للنشاطات التي تختارها اللجنة المنظمة للمعرض، تخلّى المسؤولون عن «معرض مسقط الدولي للكتاب» عن مهمة تنظيم برنامج المعرض لهذا العام، تاركين المهمّة للمؤسسات الثقافية كي تختار ما تود تقديمه ضمن البرنامج الثقافي المُرافق. ورأى يوسف البلوشي أن تجربة «الشراكة نجحت» بكل المقاييس، مشيراً إلى «ارتياح تام لسير البرنامج الثقافي لدى الضيوف والمنظمين أيضاً». وتوزعت دور النشر على أربع قاعات، هي قاعة الفراهيدي وقاعة أحمد بن ماجد لدور النشر العربية والأجنبية التي عرضت الكتاب العربي، وقاعة العوتبي للمؤسسات والهيئات الحكومية من داخل السلطنة وخارجها، وقاعة ابن دريد لدور النشر العربية والأجنبية التي تعنى بنشر الكتاب الأجنبي. تضمن البرنامج الثقافي معرضاً فنياً نظمته الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، شاركت فيه مجموعة من الفنانين التشكيليين العمانيين مثل أنور سونيا وحسن مير ومنى البيتي وبدور الريامي ويوسف النحوي وعدنان الرئيسي وفخراتاج الإسماعيلي. فضلاً عن إقامة أمسية شعرية شارك فيها: خلود المعلا من الإمارات، دخيل الخليفة من الكويت، عارف الساعدي من العراق، عبدالله العريمي. وأقامت الجميعة أيضاً ندوة السيميائيات في قاعة النشاطات في مركز المعارض، بمشاركة عدد من الباحثين نذكر منهم المغربي عبداللطيف محفوظ والإماراتية هيام عبدالكريم المعمري وعائشة الدرمكية وحافظ امبوسعيدي، وأحمد يوسف ومحمد زروق من جامعة السلطان قابوس. ونظم النادي الثقافي برنامج ندوة «النسوية في عمان» بمشاركة ضياء الكعبي، وعائشة الدرمكية، وعزة سالمين، وابتسام الحجرية، وحشر المنذري، وعبير المعمرية، ومزنة المسافر، وخالد ربيع السيد، فيما أقام المنتدى الأدبي جلسة نقدية حول رواية «أم الدويس» لخالد الكندي، قدمتها منى بنت حبراس السليمية، وهي تزامنت أيضاً مع ندوة «دور النشر المحلية بين الربحية والإثراء» وشارك فيها سيف بن عبدالله الجابري، ونبهان الحراصي ومحمد الحجري... واختتم البرنامج الثقافي بأمسية للشعر الشعبي أقامتها مؤسسة بيت الغشام للنشر والترجمة التي قدمت 14 عنواناً منذ انطلاقتها قبل خمسة أشهر.