تشهد اليابان مجموعة من الكوارث الطبيعية من الزلازل وموجات التسونامي والأعاصير وانزلاقات التربة وثوران البراكين، ما يؤدي سنوياً إلى وفاة عدد كبير من الأشخاص، وخسارة البلاد مبالغ طائلة. وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط، قضى حوالى 150 يابانياً في كوارث طبيعية مثل الأعاصير الاستوائية في جنوب غربي البلاد في تموز (يوليو)، وانهيارات مروعة للتربة في هيروشيما في آب (أغسطس) (72 قتيلاً)، وثوران بركاني مفاجئ في جبل أونتاكي السبت الماضي (51 قتيلاً على الأقل). ومنذ عقدين، تخصص الدولة اليابانية نحو خمسة آلاف بليون ين (46 بليون دولار) لإدارة الكوارث (بحوث، وقاية، إعادة إعمار...) أي ما نسبته 5 في المئة من إجمالي موازنة الحكومة، ما يوازي قيمة المبالغ المخصصة للسياسات الدفاعية في البلاد. وفي بعض الأحيان، ترتفع النسبة إلى 10 في المئة في حالات الكوارث الكبرى التي تستمر تكاليفها على مدى سنوات. وأوضح مسؤول في وزارة الوقاية من الكوارث في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، أن «هذا الأمر لا يشمل بطبيعة الحال كل الوسائل المجندة من مختلف الوزارات والهيئات العامة، لذا فالمبالغ أكبر كثيراً في الواقع، من دون احتساب المال الذي تنفقه المقاطعات والمناطق في حال الكوارث». وتسجل اليابان الواقعة عند نقطة التقاء أربع صفائح تكتونية، «نحو 20,8 في المئة من أعنف الهزات التي تشهدها الأرض سنوياً»، وفق الحكومة. وهذه الكوارث الطبيعية لا يمكن التكهن بتوقيت وقوعها بل فقط استشعار اقترابها قبل ثوان قليلة من حدوثها بفضل نظام باهظ الكلفة للكشف المبكر طورته الوكالة اليابانية للأرصاد الجوية. وأوضحت الوزارة المكلفة مواجهة الكوارث الطبيعية أن «آلاف الأشخاص كانوا، حتى خمسينات القرن الماضي، يقضون سنوياً بسبب الزلازل والأعاصير، إلا أن هذا العدد تقلص بفضل التقدم التقني والسياسات العامة». لكن في بعض الأحيان لا يمكن تجنب الكارثة، كما في عام 1995 حين قتل 6500 شخص في زلزال بمدينة كوبي، أو حتى أسوأ من ذلك في 11 آذار (مارس) 2011 نتيجة زلزال هائل بقوة 9 درجات قبالة السواحل الشمالية الشرقية للبلاد وما أعقبه من موجات مد بحري عاتية بلغ ارتفاعها في بعض المواضع 38 متراً. وتسببت هذه الكارثة بوفاة أكثر من 18 الف شخص كما نجم عنها كارثة نووية في مفاعل فوكوشيما لا تزال اليابان تدفع حتى اليوم فاتورة باهظة جراءها، كلفتها «ما لا يقل عن 11082 بليون ين» (102 بليون دولار)، وفق أستاذ الاقتصاد البيئي في جامعة ريتسوميكان كينيتشي أوشيما. وقدرت الحكومة قيمة الخسائر المادية الناجمة عن التسونامي والزلزال ب19000 بليون ين (175 بليون دولار) على أقل تقدير خلال خمس سنوات كثمن للإصلاحات وإعادة الإعمار. وتضم اليابان أيضاً، وهي أرخبيل مؤلف من اكثر من سبعة آلاف جزيرة (بينها أربع جزر رئيسية وعدد كبير من الجزر الصغيرة) وتقع في المنطقة المعروفة بحزام النار، ما لا يقل عن 110 براكين نشطة أي «7 في المئة من براكين العالم» وفق الحكومة، بينها 47 بركاناً خاضعة للمراقبة الشديدة. وأوضح أستاذ علم البراكين في جامعة طوكيو يوسوكي أوكي أن «على غرار بركان أونتاكي (في وسط أكبر جزيرة يابانية، هونشو)، يمكن للكثير من هذه البراكين ان يستيقظ في اي وقت». وأشار معلق على قناة «نيبون تي في» اليابانية الى ان «قلة من الناس لديهم خبرة في موضوع ثوران البراكين لأن ذلك يحصل نادراً»، لذلك فإن مستوى الاستعداد المادي والنفسي ضعيف. وهذا ليس كل شيء، إذ إن اليابان تعاني من درجات حرارة مرتفعة خلال فصل الصيف توقع عشرات الوفيات سنوياً، كما تشهد كل سنة نحوا عشرة أعاصير من أصل أكثر من 20 إعصاراً يعصف سنوياً بمنطقة الجنوب في المحيط الهادئ. وهذه الأعاصير تخلف أيضاً في كثير من الأحيان ضحايا، كما الحال مع الانهيارات الأرضية. وهذا التجمع للكوارث الطبيعية يرغم الياباني على اتخاذ تدابير احترازية خاصة، ليس فقط لإصلاح الأضرار بل أيضاً للوقاية منها للحد من الخسائر التي قد تنجم عن حدوثها. من هنا تتكبد الشركات وأصحاب المنازل على السواء تكاليف إضافية غير مباشرة لدفع ثمن التجهيزات الملائمة لمواجهة الكوارث وقيمة الإنشاءات الخاصة المكلفة التي تستخدم فيها تقنيات لمواجهة الزلازل، فضلاً عن أسعار الخدمات (نقل واتصالات) التي ترتفع بسبب غلاء البنية التحتية والتدابير الحمائية الخاصة.