انطلقت الزغاريد بشكل مفاجئ من إحدى الحسينيات الواقعة على الطريق الرابط بين كربلاء والنجف لتعلن زفاف حسن أريج أحد الشباب النازحين من الموصل إلى كربلاء بعد أحداث حزيران (يونيو) الماضي. ولم يمنع سكن حسن في حسينية مع عائلته من إنهاء خطوبته التي مرَّ عليها عام كامل وتتويجها بالزواج على رغم الظروف الصعبة التي يعيشها مع أسرته. وكان حسن عقد خطوبته على ليلى قبل نحو عام وكان الشابان يتحضران لحفلة الزفاف عندما دخلت «داعش» إلى الموصل وغيرت حياة سكانها، فنزحا مع عائلتيهما إلى الجنوب وسكنوا جميعاً في إحدى الحسينيات الموجودة على الطريق الرابط بين النجف وكربلاء حيث يزيد عدد الحسينيات على 200، تحولت جميعها إلى سكن موقت للنازحين. ويقول حسن: «اقترحت عائلتي تأجيل الزفاف لحين عودتنا إلى الموصل لكنني لا أعرف إن كانت الظروف ستتحسن وإن كانت داعش ستغادر مدننا أم أن الأوضاع ستسوء وسنقضي المتبقي من أعمارنا نازحين وغرباء... لذلك أصررت على إتمام الزفاف وساندتني العروس برأيها». حياة العريس لا تختلف كثيراً عن حياة بقية النازحين وكل ما استطاع الحصول عليه هو قاطع خشبي صغير في الحسينية التي يقيم فيها مع ثلاث عائلات أخرى من بينها عائلة خطيبته، ليكون ذلك القاطع بمثابة جدار سيعزله وعروسه عن العائلات الأخرى. ويضيف: «معظم الشباب الذين تزوجوا في مخيمات النازحين أو في الحسينيات يعيشون مثلنا بانتظار الفرج». الخطوة الجيدة في حياة حسن والتي خففت من ألم مغادرته الديار هي موافقة وزارة التربية على مباشرته العمل في إحدى المدارس التي تم تشييدها للنازحين. فهو على الأقل تمكّن من استعادة وظيفته التي كان يمارسها في الموصل بعدما فقد الأمل في الحصول على عمل. ويقول: «أنا عريس محظوظ ولدي وظيفة، فيما هناك العديدون من أقراني ما زالوا يعانون البطالة على رغم مرور شهور على وصولنا إلى هنا». عش الزوجية البسيط الذي يستره مع زوجته معرض هو الآخر للاختفاء ولذلك هو يعوِّل على راتبه الذي سيتقاضاه من وظيفته لاستئجار بيت صغير لأسرته والحصول على بعض الخصوصية. «سمعنا إنهم سيخرجوننا من الحسينيات بعد انقضاء العيد بأيام لتهيئة الحسينيات التي نقطنها لاستقبال الزوار الوافدين من الجنوب باتجاه كربلاء في شهر محرم الذي سيحل بعد عشرين يوماً من عيد الأضحى لكن بعض رجال الدين فضلوا بقاءنا في تلك المباني ووضع خيم كبيرة للزوار بدلاً منها». سكان منطقة الحيدرية أو «خان النص» كما يحلو للمسنين تسميتها لاحتوائها على خان قديم كان يستخدم للاستراحة أثناء السفر وهو يقع في منتصف المسافة بين كربلاء والنجف بدأوا يتأقلمون مع الوضع ومع وجود النازحين في الحسينيات الواقعة على جانبي الشارع. وحينما سمع بعض الجيران بزواج حسن جاؤوا لتقديم التهاني وجلبوا معهم بعض الهدايا للعرسان، فهي ليست المرة الأولى التي يحدث فيها زفاف بين النازحين، إذ عقد أيضاً أحد الشباب النازحين قرانه قبل أيام في حسينية أخرى على شابة نازحة تقطن مع عائلتها في حسينية قريبة من سكنه. ويقول حسن: «لن تتوقف الحياة بهذه السهولة، فالشباب لن يستسلموا لقدرهم وعليهم أن يقاوموا الظروف مهما حصل».