تمسكت الخرطوم بموقفها الرافض الدخول في مفاوضات مباشرة مع متمردي «الحركة الشعبية - الشمال»، ما دفع الوساطة الأفريقية إلى إرجاء موعد الجولة التي حددتها إلى منتصف الأسبوع المقبل. وأبلغت الحكومة السودانية الوساطة الأفريقية أنها لن تجلس مع متمردي الشمال لتسوية النزاع في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق قبل فك ارتباط المتمردين سياسياً وعسكرياً مع دولة جنوب السودان، كما تحفظت عن تسمية المتمردين الأمين العام ل «الحركة الشعبية» ياسر عرمان رئيساً لفريق مفاوضيهم باعتباره لا ينتمي إلى المنطقتين. وكشفت تقارير أن الوساطة الأفريقية طلبت من الطرفين الدخول في جولة محادثات حاسمة لمناقشة القضايا السياسية والعسكرية والإنسانية حزمة واحدة، بجانب وقف فوري للنار، لأبداء حسن النيات، تمهيداً لاستئناف التفاوض السياسي وفتح ممرات إنسانية. ويُنتظر أن يصل إلى الخرطوم فريق من الوساطة الأفريقية خلال اليومين المقبلين لإقناع الحكومة السودانية بالجلوس إلى طاولة المحادثات مع المتمردين. وذكرت مصادر أن الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي أبلغ الطرفين بضرورة وقف المماطلة والمناورات بهدف إطالة عمليات التفاوض، وشدد على ضرورة الجلوس إلى طاولة التفاوض من دون شروط مسبقة. وكشفت تقارير أن دولاً غربية وجّهت رسائل إلى الخرطوم تطالبها بضرورة المشاركة في جولات المحادثات مع المتمردين، ونقلت فرنسا رسالة في هذا المعنى إلى وزير الخارجية السوداني علي كرتي خلال زيارته الأخيرة لباريس. وكانت مسؤولة وحدة السودان في الخارجية البريطانية أنهت زيارة للخرطوم استغرقت أسبوعاً نقلت خلالها رسالة مماثلة إلى الخرطوم. وقال المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان حسبو محمد عبدالرحمن إن الخرطوم لن تسمح لأي جهة بالتدخل في كيفية وزمان الحوار، نافياً تسمية حاكم ولاية جنوب كردفان أحمد هارون لرئاسة وفد الحكومة إلى المحادثات مع المتمردين بدل وزير الإعلام السابق كمال عبيد. وفي شأن الشروط الأميركية لتطبيع العلاقات مع الخرطوم وربطها بالحوار مع متمردي «الحركة الشعبية - شمال»، قال حسبو إن حكومته ستذهب إلى المفاوضات ولكن بالكيفية التي تحددها وبالوفد الذي تختاره. ووصف الوعود الأميركية بأنها «كاذبة»، لكنه أشار إلى أن حزبه سيواصل الحوار مع واشنطن باعتبارها دولة عظمى، مؤكداً التزام الخرطوم بموقفها من الحوار لإنهاء كل أزماتها ولكن وفقاً لإرادتها. وقال إن ليس من العدل ولا المنطق أن تفرض دولة شروطها على دولة أخرى ذات سيادة مثلها. وأضاف حسبو إنهم ظلوا نحو 23 عاماً يتحاورن لاقتناعهم بأن السلام العادل لن يأتي إلا وفق الحوار، ولكن بناء على إرادتهم وليست استجابة لأي ضغوط أو إملاءات خارجية. وأكد رفضه القاطع لضغوط الولاياتالمتحدة في شأن ضرورة التفاوض مع متمردي الشمال، مؤكداً أن قبول حكومته بمبدأ الحوار ليس استجابة لتهديدات أميركية. إلى ذلك، نفى الناطق باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد وجود أي حشود عسكرية سودانية على الحدود مع دولة جنوب السودان، مؤكداً عدم وجود أي نية لدى السودان لخوض حرب مع دولة الجنوب. وقال الصوارمي في تصريحات صحافية: «إن القوات المسلحة لا ترى أي نذر حرب بين السودان ودولة جنوب السودان، وإن الأوضاع الأمنية تشهد هدوءاً على الحدود بين الدولتين». غير أنه اتهم قوات الجيش الجنوبي بالهجوم على 6 مناطق تتبع للسودان. كما اتهم جوبا بخرق اتفاقية التعاون المشترك وعدم الالتزام بها، مشيراً إلى أن السودان لم يتدخل عسكرياً في منطقة أبيي المتنازع عليها لأن المنطقة لها برتوكول خاص بها، وهناك قوات إثيوبية فيها تقوم بمهمات وترعى الاتفاق. ورفض تقرير لجنة الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي والذي يتهم الخرطوم بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على إقليم دارفور، وقال «إنه عار عن الصحة». وأكد أن الجيش السوداني لم يشن أي غارات جوية بواسطة الطيران الحربي «ضد أي تجمعات سكانية أو مدنية». واتهم خبراء في الأممالمتحدة الحكومة السودانية قبل أيام بأنها تستخدم في دارفور طائرات حربية وصواريخ اشترتها من روسيا وبيلاروسيا، ما يمثّل انتهاكاً لحظر الأسلحة المفروض على هذا الإقليم الواقع غرب البلاد. وقال الخبراء في تقريرهم إنهم «لاحظوا أن القوات الجوية السودانية تستخدم منظومة جديدة من الأسلحة هي صواريخ جو-ارض اس8» اشترتها من بيلاروسيا (روسياالبيضاء).