تم بسلام تصعيد نحو مليوني حاج فجر اليوم (الجمعة) إلى مشعر عرفات ليؤدوا أهم مناسك الحج: فرض الوقوف بعرفة، حتى قال فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «الحج عرفة». واكتسى المشعر الحرام باللون الأبيض، في مشهد بديع، يؤكد بقاء جامعة المسلمين حيَّة متَّقدة على مر القرون. وأجمع المسؤولون والمتحدثون الرسميون السعوديون أمس على نجاح الخطط الأمنية واللوجستية لنقل الحجاج إلى المشاعر المقدسة، ولاسيما تصعيدهم إلى مشعر منى، حيث قضوا يوم التروية الموافق الثامن من ذي الحجة. وقال وزير الداخلية السعودي رئيس لجنة الحج العليا الأمير محمد بن نايف، في برقية إلى العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، إن عدد الحجاج القادمين من الخارج بلغ 1.38 مليون حاج. وذكر مراقبون محليون أن عدد حجاج الداخل قد يصل إلى 500 ألف حاج أو دون ذلك بقليل. وأكد أمير منطقة مكةالمكرمة مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أن تفويج الحجاج يسير وفق الخطط المرسومة، وسط منظومة متكاملة من الخدمات الأمنية والصحية والخدمية. وأشار المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي إلى إن انتقال الحجاج إلى منى أمس رافقته انسيابية في حركة المرور. وشدد على أن الوضع الأمني «على أفضل ما يرام». وكان قائد التوعية والاعلام في الأمن العام العقيد سامي الشويرخ، أعلن أمس أن الجهات المعنية أعادت نحو 188 ألف حاج حاولوا دخول المشاعر من دون تصاريح، مشيراً إلى إعادة 1024 مركبة وحجز 61368 أخرى، فيما بلغ عدد مكاتب الحج الوهمية التي تم ضبطها 47 مكتباً. وأكد وكيل وزارة الحج المتحدث باسمها حاتم قاضي توافر كل المتطلبات داخل مخيمات الحجاج في مشعر منى. وأشار الإعلاميون العرب والمسلمون الذين يتابعون موسم حج عام 1435ه إلى أن يوم التروية مرّ في أمن وأمان، انشغل فيه الحجاج بشؤون عبادتهم. واعتبروا وقفة المليوني حاج على صعيد عرفات هذا اليوم (الجمعة) وقفة وحدة تستعلي على العصبيات القومية، والمذهبية، والخلافات السياسية. ونقلوا عن حجاج بلدانهم تقديرهم لما تبذله حكومة خادم الحرمين الشريفين من جهود جبارة لحفظ الأمن، وإشاعة الطمأنينة، في مسيرة اتسمت بالاستقرار منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. وظلت تتردد في المشاعر المقدسة أصوات الملبين، في رحلة روحية تعلقت فيها قلوبهم بمولاهم عزّ وجلّ، متطهرين من كل المظالم والدنس والخيانات. وتجلّت اليوم (الجمعة) في صعيد عرفات الحكم الإلهية من الوقوف بعرفة، إذ وقف مليونا مسلم، يزيدون أو ينقصون قليلاً، مختلفين في الأجناس والسحنات واللغات، ملبين نداء ربهم، متجردين من ثياب الزينة والغرور، متخلين عن الهوى وشهوات النفس، باذلين جهدهم في الضراعة إلى الله. ولم تَحُلْ كثافة حشود الحجاج، وعدد السيارات والمشاة، دون تصعيدهم بيسر وسلامة، مستفيدين من شبكة الطرق السريعة والجسور والأنفاق التي أنجزتها حكومة خادم الحرمين الشريفين. وأكد مساعد قائد قوات أمن الحج لشؤون المرور اللواء عبدالرحمن المقبل لوكالة الأنباء السعودية أمس سلاسة تنفيذ الخطط المرورية لحج هذا العام. وقال قائد الدفاع المدني بمشعر مزدلفة العقيد خالد الحركان، الذي سيقضي فيه الحجاج ليلتهم بعد عودتهم من عرفات، قاصدين مشعر منى، إن خطة الدفاع المدني تشمل الاستعداد لجميع المخاطر الطبيعية، ومخاطر وجود حشود بشرية ضخمة في مساحة محدودة. وهو ما أكده قائد الدفاع المدني بمشعر عرفات العميد أسعد العثمان الذي شدد على جاهزية قواته لأي مخاطر محتملة. وقال حجاج من جنسيات مختلفة لبعثة «الحياة» في المشاعر المقدسة إن أكثر ما يملأ نفوسهم خشوعاً واطمئناناً رائحة التاريخ التي تملأ كل شبر من المشاعر المقدسة، ولاسيما الأماكن التي ارتادها النبي -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء عليهم السلام، كمسجد الخيف في منى الذي ألقى فيه النبي خطبة حجة الوداع. وأشاروا إلى مسجد نَمِرَة في مشعر عرفات، الذي بُني في الموضع الذي خطب فيه الرسول في حجة الوداع، وشيِّد في منتصف القرن الثاني للهجرة. وذكروا أيضاً جبل الرحمة الذي صعد عليه الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- داعياً ربه في حجة الوداع. أما مشعر منى فقد رمى فيه نبيّ الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وفدى فيه ابنه إسماعيل بذبح. ويتابع وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف وأمير منطقة مكةالمكرمة الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز ووزراء ومسؤولون عسكريون ومدنيون تحركات حشود ضيوف الرحمن؛ تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وولي ولي العهد، ببذل أقصى الجهود لتمكين الحجاج من أداء مناسكهم بسهولة ويسر. وسيؤدي الحجاج في عرفات اليوم صلاتي الظهر والعصر قصراً وجمعاً، جمع تقديم، بأذان وإقامتين. وينفرون بعد غروب الشمس إلى المزدلفة. وباستثناء الحالات المرضية والطارئة، فإن وزارة الصحة السعودية أكدت خلو حج عام 1435ه من الأمراض الوبائية، وهو ما زاد حجاج بيت الله الحرام أمناً وطمأنينة. وكثفت وزارة التجارة والصناعة السعودية جولات مراقبيها أمس على المحال التجارية في عرفات ومنى لضمان خلو السلع الغذائية من الفساد والغش والمخاطر الصحية. ويتابع آلاف مهندسي وفنيي الكهرباء والمياه مراقبة وتشغيل شبكتي الكهرباء والمياه؛ لضمان استمرار هذين المرفقين في تقديم خدماتهما مهما زاد عدد الحجاج.