قال مصدر سياسي منغمس بالاتصالات من أجل البحث عن بديل من مشروع «اللقاء الأرثوذكسي»، إن الحظوظ المتوافرة للمخارج ليست كثيرة. ورأى المصدر نفسه أن احتمال أن يصبح مشروع «الأرثوذكسي» نافذاً وأن يصوت عليه في المجلس النيابي ويحظى بالأكثرية بات خمسة في المئة بعد المعارضة الواسعة له، لا سيما من قبل رئيس الجمهورية ميشال سليمان. وأكد المصدر نفسه أن المعوقات أمام مشروع انتخاب كل مذهب نوابَه على أساس لبنان دائرة واحدة وفق النظام النسبي، باتت كثيرة وكبيرة. وفي تقدير المصدر أن الذين صوتوا لمصلحة «الأرثوذكسي» في اللجان النيابية لن يصوتوا جميعاً لمصلحته إذا طرح على الهيئة العامة للبرلمان بعدما وجدوا أنه سيلقى معارضة واسعة وطعناً دستورياً به من الرئيس سليمان. أما الاحتمال الثاني وهو التوصل إلى مشروع قانون توافقي يعتمد الصيغة المختلطة بين النظامين النسبي والأكثري، وبنسب مختلفة عن التي تضمنها مشروع رئيس المجلس النيابي نبيه بري (مناصفة بين النظامين)، فإن حظوظه من النجاح هي أيضاً قليلة ويمكن إعطاؤها نسبة 30 في المئة، نظراً إلى تباعد المواقف مع «قوى 8 آذار» والرئيس بري. وقال المصدر نفسه إن الاحتمال الثالث المتعلق بتأجيل الانتخابات بات يتقدم على الاحتمالين السابقين وباتت نسبته 65 في المئة لأن تعذر التوافق على قانون جديد في ظل رفض عدد واسع من الأطراف لإتمامها على أساس قانون الستين النافذ الآن، سيحول دون التزام المهل القانونية للإجراءات التي يفترض أن تسبق العملية الانتخابية، ما يجعلها قابلة للطعن بها، إذا حصلت. وباتت الأوساط المختلفة والمتناقضة في قراءتها للمرحلة المقبلة تتفق على أن تأجيل الانتخابات بات خياراً يتصدر هذه الاحتمالات. وقال أحد كبار المسؤولين ل «الحياة» في هذا السياق، إن تقديره للاحتمالات يقوم على ثلاثة عناصر كالآتي: إما السير بمشروع «اللقاء الأرثوذكس»، وهو الأمر المستبعد نتيجة معارضته الواسعة من رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي و«المستقبل» و «الحزب التقدمي الاشتراكي» والمستقلين في «14 آذار»، أو السير بمشروع الرئيس بري أي المناصفة بين نظامي الأكثري والنسبي، مع استعداد عند رئيس البرلمان للبحث في توزيع للدوائر والنواب عليها لإرضاء بعض الأطراف، ومن دون تغيير في نسب توزيع النواب على الأكثري والنسبي. أما الاحتمال الثالث وفق المسؤول الكبير، في حال استمرار رفض القوى المعترضة على صيغة المناصفة وإصرارها على تعديلها، فهو تأجيل الانتخابات النيابية لمدة سنتين إلى أن يتم الاتفاق على قانون للانتخاب، لأن لا استعداد لدى بري و «حزب الله» لتعديل المناصفة بين الأكثري والنسبي. وأضاف المسؤول نفسه أن لا صحة للأنباء عن أن الدول الغربية تتدخل في مسألة تأجيل الانتخابات أو تقترح هذا التأجيل. كيفية تأجيل الانتخابات وفي وقت يسأل الكثير من القيادات كيف سيتم تأجيل الانتخابات، التي تقتضي صدور قانون بالتمديد للبرلمان، ومن سيجرؤ على اقتراح ذلك لأنه سيتلقى نتائجه السلبية وهل سيترك الأمر إلى وزير الداخلية مروان شربل ليقترح ذلك، لكونه لا مصالح سياسية انتخابية له، ليقول إن تعذر التوافق على قانون يحول دون إجراء الانتخابات «وربما يتكل الأفرقاء علي كي أطرح التأجيل» كما سبق أن قال ل «الحياة»، فإن مصدراً قيادياً في قوى 14 آذار أقر بأن أمام الأطراف المختلفة مهلة لا تتعدى الأسبوعين للتوصل إلى قانون توافقي، فإذا لم يحصل ذلك فسيتجه البلد إلى تأجيل الانتخابات التي يفترض أن تتم في حزيران (يونيو) المقبل. وفيما يخشى بعض الأوساط الرسمية من تأجيل بفعل الأزمة وتفاقمها والأمر الواقع، وليس بالاتفاق على هذا التأجيل، فإن توقعات بعض الأوساط النيابية التي كانت أساساً معارضة لتأجيل الانتخابات، باتت تعتقد أن إفشال الاستحقاق الانتخابي يجب ألا يترافق مع نشوء فراغ نيابي وبالتالي حكومي بالمعنى القانوني والدستوري، كما سبق لزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون أن أعلن حين قال إن بإمكان الحكومة أن تحكم حتى لو لم يكن المجلس النيابي شرعياً (أي انتهت مدته من دون انتخاب مجلس جديد). ورأت هذه الأوساط أن مواجهة ما يسميه النائب مروان حمادة الحروب الثلاثة أي الحرب السياسية - الدستورية التي ستنشأ من عدم إجراء الانتخابات، والحرب الاقتصادية - الاجتماعية التي يشهدها البلد بفعل الصعوبات الاقتصادية، وأخيراً الحرب الدائرة على الحدود اللبنانية - السورية سواء في الشمال أم في البقاع حيث يتدخل «حزب الله»، كلها تتطلب الحؤول دون تفكك الدولة إذا حصل فراغ وتوجب تدارك مرحلة جديدة خطرة على البلد. وهذا وفق الأوساط يوجب التوصل إلى قانون للتمديد للبرلمان. وبينما تشدد مصادر مقربة من الرئيس سليمان وبعض قوى 14 آذار على أن يكون أي تمديد يوازي التأجيل التقني للانتخابات (3 إلى 6 أشهر)، فإن مصادر 8 آذار تتحدث عن تمديد لمدة سنتين على الأقل خصوصاً أن الرئيس بري لن يقبل بحصول فراغ نيابي ينهي دوره وشرعية رئاسته البرلمان. وفي انتظار مرور المهل ومعرفة ما ستؤول إليه جهود الرئيس سليمان والاتصالات مع بري للوصول إلى قانون توافقي، قبل استحقاقها، فإن أوساطاً كثيرة ترى أن المأزق ليس في قانون الانتخاب بل في التأزم السياسي الأبعد حول موقع لبنان والسلطة فيه في إطار الصراع الدائر في المنطقة ولا سيما في سورية، في غياب مرجعية خارجية تشكل الناظم الرئيسي للصراعات اللبنانية الداخلية. وترى هذه الأوساط أنه على رغم اعتبار المجتمع الدولي أن «المشروعية الدولية للدولة اللبنانية تأتي من إجراء الانتخابات النيابية في موعدها»، كما قال وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ لمن التقاهم في زيارته قبل أيام بيروت، فإن الأزمة السياسية باتت تتطلب توافقاً بين الفرقاء على مرحلة ما بعد الانتخابات، وحول الحكومة التي ستأتي بعدها وبرنامجها ورئاستها ورئاسة المجلس النيابي... إلخ. وقالت هذه الأوساط إن الحاجة إلى هذا البحث طرحت في الحوار الدائر بين «حزب الله» والحزب التقدمي الاشتراكي في آخر اجتماع تنسيقي بين الجانبين عقد قبل أسبوع، إذ أثار ممثلو الاشتراكي هذا العنوان، إلا أنه لم يُستتبع بمناقشة معمقة حوله. ورأت الأوساط نفسها أنه من دون التعمق بحوار سياسي حول مستقبل السلطة في لبنان، فإن الصعوبات حول قانون الانتخاب ستبقى قائمة وتحول دون التوصل إلى مشروع توافقي.