كرر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي موقفه المعترض على مشروع «اللقاء الأرثوذكسي» لقانون الانتخاب في موقف حاسم أمس حين أعلن «أنه لا يمكن أن يمر لأنه يخالف جوهر وجود لبنان وروحية العيش المشترك». وجاء موقف ميقاتي هذا في وقت يسعى بعض الفرقاء السياسيين في لبنان، الى استغلال فسحة الوقت التي أتاحها بيان لقاء القيادات المارونية ليل الخميس الماضي «للانفتاح» على مشروع توافقي لقانون الانتخاب نتيجة معارضة قوى أساسية لا سيما تيار «المستقبل» والحزب التقدمي الإشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط ورفض رئيس الجمهورية ميشال سليمان المطلق، «الأرثوذكسي». وقال ميقاتي، في دردشة على صفحته على «تويتر»: فشلت الحرب اللبنانية في فرض التقسيم على اللبنانيين. فهل المطلوب أن نستسلم اليوم لتقسيم من نوع آخر أو فيديرالية مقنّعة؟». كما جاء موقف ميقاتي في ظل قول أوساط مقربة منه ل «الحياة» إنه قد يذهب في معارضته مشروع «الأرثوذكسي» الى حد مقاطعة أي جلسة نيابية عامة قد تعقد من أجل التصويت على هذا المشروع، وموقفه لن يقتصر على معارضته، بحيث تصبح الأطراف كافة الممثلة للطائفة السنية في البرلمان، مع قرار كتلة «المستقبل» النيابية عدم حضور الهيئة العامة للبرلمان، غائبة عن الجلسة، إضافة الى نواب الحزب التقدمي الاشتراكي. وكان الرئيس سليمان أكد لنواب وشخصيات التقاهم الى مائدة العشاء ليل أول من أمس في دارة الرئيس الراحل رينيه معوض بدعوة من النائب السابقة نايلة معوض رفضه المشروع الأرثوذكسي، وقال: «وجود المسيحيين في المنطقة هو دور أكثر من أي شيء آخر وهم مع حفظ التعددية. وأنا كمسؤول مسيحي أول في الحكم في لبنان وكماروني لم أكن أتصرف على هذا الأساس، وكذلك في قيادة الجيش قبلها». ونقل مشاركون في العشاء الى «الحياة» عن سليمان قوله بالنسبة الى تأييد أطراف مسيحيين مشروع «اللقاء الأرثوذكسي»: «أنا أحترم (زعيم التيار الوطني الحر) العماد ميشال عون و (رئيس حزب القوات اللبنانية) الدكتور سمير جعجع وموقفي بالنسبة الى المشاريع التي تطرح لم يقتصر عليها. فقبل ذلك وحين وجدت أن البلد يذهب نحو تنافر بين فرقاء معينين، خصوصاً بين السنّة والشيعة كانت لي مواقف للحؤول دون تفاقم الأمور. ولذلك أقول نحن كمسيحيين لنا دور ودورنا هو أن نكون جسراً بين الأطراف». وكان رئيس حزب الكتائب الرئيس السابق أمين الجميل حاضراً في العشاء، وقال سليمان: «أنا تحدثت مع الرئيس الجميل في هذا الموضوع وتفاهمنا على عدد من الأمور. وكما قلت أحترم رأي العماد عون والدكتور جعجع لكن ما وصلنا إليه (مشروع انتخاب كل مذهب لنوابه) لا أرى أن فيه مصلحة للبنان وللمسيحيين». وأضاف: «وأنا متفاهم مع حليفي وليد جنبلاط ويجب أن نسعى الى حماية البلد من الانقسام». وجاء كلام سليمان على خلفية تأكيده أمام زواره أنه سيطعن بدستورية هذا المشروع في حال أقر في البرلمان. على صعيد آخر، أملت أوساط في قوى 14 آذار بأن يؤدي خطاب جعجع أول من أمس الذي دعا فيه الى «إضاءة شمعة صغيرة في سماء المشروع التوافقي لقانون الانتخاب بدل لعن عتمة اللقاء الأرثوذكسي»، مقدمة لبحث جدي في مشروع توافقي يقوم على صيغة توفيقية مختلطة لانتخاب جزء من النواب على النظام الأكثري والآخر على النظام النسبي كان رئيس البرلمان نبيه بري اقترح توزيعهم مناصفة بين النظامين ما لقي اعتراضاً من تيار «المستقبل» والاشتراكي، اللذين اقترحا قبل أسبوعين صيغة 30 في المئة على أساس النسبي و70 في المئة على أساس الأكثري. إلا أن «حزب الله» أصر على صيغة المناصفة وأبلغ المعنيين أنها الصيغة النهائية التي يقبل بها. وفيما رأت أوساط في تيار «المستقبل» أن خطاب جعجع أول من أمس وانتقاده المبطن للعماد عون لأنه اعتبر ما تحقق انتصاراً، تمهيد لترميم العلاقات التي تصدعت بين قوى 14 آذار بسبب تأييد «القوات» و «الكتائب» المشروع الأرثوذكسي، سألت مصادر قيادية عما يقصده جعجع بالتوافق ومع أي أطراف وهل يشمل ذلك قوى 8 آذار التي تتمسك بمعايير معينة؟ وعلمت «الحياة» أن مجموعة عمل من تيار «المستقبل» تواصل اجتماعاتها مع مجموعة عمل من الحزب التقدمي الاشتراكي، بناء لاتفاق زعيم «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مع جنبلاط للتوصل الى صيغة لمشروع قانون مختلط بنسب مختلفة لتوزيع النواب عن التي أصر عليها «حزب الله» واقترحها بري. ويتشاور «تيار المستقبل» حول هذه الصيغة مع حلفائه من قوى 14 آذار في شأن ما تتضمنه. وقالت مصادر الجانبين أن هذه الصيغة تشمل أيضاً توزيع الدوائر، وتوزيع النواب على الدوائر وأنه قد يتم إنجازها خلال اليومين المقبلين لعرضها على سائر الأطراف. ويسعى الفرقاء الى استعجال إنجاز صيغة توافقية قبل نهاية الأسبوع حتى لا تداهم المهل القانونية لدعوة الهيئات الناخبة الى الاقتراع الجميع بحيث يضطرهم التأخر الى تأجيل الانتخابات الذي ازداد الحديث عنه حتى في بعض الأوساط الدولية، كما أشارت «الحياة» قبل أسبوع، بحجة حفظ الاستقرار في البلد إذا استمر الخلاف على قانون الانتخاب. على الصعيد الأمني، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية مساء أن مسلحين ملثمين كانوا يستقلون سيارتين اقتحموا عصر أمس المستشفى الإسلامي الخيري في طرابلس، شمالاً، رافعين أسلحتهم في وجه مرتادي المستشفى وتوجهوا الى الطبقة الثالثة منه حيث يعالج الموقوف محمد يوسف، الذي كان أوقف أثناء إطلاق النار على موكب وزير الشباب والرياضة فيصل عمر كرامي قبل أكثر من شهر في المدينة. وجرّد المسلحون عنصرين من قوى الأمن كانا يحرسان غرفة الموقوف يوسف، ونقلوا الأخير من المستشفى. وكان يوسف أصيب أثناء حصول إطلاق النار على موكب كرامي، الذي نجا بأعجوبة في حينها، إصابة بليغة في فكه، وكان يعالج في المستشفى موقوفاً.