ارتفع أخيراً مستوى تفاؤل معظم الشركات الألمانية وزادت ثقتها بتحسن أوضاعها بعد مرحلة القلق عقب انتكاسة النمو في الربع الأخير من العام الماضي التي جاء معدلها أعلى من المتوقع. وظهرت في الأيام القليلة الماضية نتائج إيجابية جداً لمؤشري نمو في البلاد، إضافة إلى تزايد العلامات على خروج منطقة اليورو من أزمة الديون ببطء ابتداء من منتصف العام الجاري تبعاً لتصريحات مسؤولين في المصرف المركزي الأوروبي. وجاء تقويم الشركات السبعة آلاف المستطلَعة شهرياً للأشهر الستة المقبلة أعلى، إذ ارتفع مؤشر التوقعات من 100 إلى 104.6 نقطة، علماً أن الاقتصاديين توقعوا تسجيل 101.3 نقطة فقط، كما تحسن مؤشر الأعمال الراهنة للشركات المذكورة من 108.1 إلى 110.2 نقطة. وأعلن مركز البحوث الاقتصادية الأوروبية في مانهايم «زد إي في» بعد استطلاع رأي 38 خبيراً ومحللاً اقتصادياً ومالياً أن مؤشره الشهري لحجم النمو خلال الأشهر الستة المقبلة ارتفع من 31.5 إلى 48.2 نقطة. وكان المصرف المركزي الألماني أكد قبل أيام أنه ينتظر عودة الاقتصاد إلى دائرة النمو قبل انتهاء الربع الحالي، بينما أجمع خبراء على أن الاقتصاد ينمو منذ مطلع السنة في شكل غير متوقع بعد الانتكاسة في الربع الأخير من العام الماضي والتي بلغت 0.6 في المئة. وأشارت المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي والتنمية في تقريرها الأخير إلى أن مؤشرها للنمو في ألمانيا لهذه السنة ارتفع 0.3 في المئة، وهو الارتفاع الأكبر منذ أيار (مايو) 2010. معهد البحوث وأوضح معهد البحوث الاقتصادي في ميونيخ «إيفو» أن مؤشره الدوري لأجواء الشركات الألمانية تحسن للشهر الرابع على التوالي وقفز هذا الشهر من 104.3 إلى 107.4 نقطة، وهي الزيادة الأعلى منذ 10 شهور، في حين كان خبراء توقعوا ارتفاعه إلى 105 نقاط فقط. وجدد رئيس المعهد هانس فرنر زِن تأكيده أن «الاقتصاد الألماني في مرحلة انطلاق حالياً وآفاق المرحلة المقبلة تحسنت بعد عودة التفاؤل». وصرّح الرئيس الجديد لاتحاد الصناعة الألمانية أولريش غريللو أخيراً بأن الاتحاد يتوقع تحقيق نمو نسبته 0.8 في المئة هذه السنة، وينتظر تحسناً ملموساً في الصادرات مع الدول غير الأوروبية ابتداءً من الربع الثاني المقبل. وحضّ الحكومة على التقشف والادخار وتسديد الدين العام بعد المداخيل العالية التي حصلت عليها. وأظهر استطلاع نشره اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية منتصف الشهر الجاري أن معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة، البالغ عددها 25 ألفاً، تميل حالياً نحو التفاؤل وستخلق هذه السنة 150 ألف فرصة عمل. وتوقع كبير خبراء الاتحاد ألكسندر شومان أن تحقق ألمانيا نمواً نسبته 0.7 في هذه السنة. وما زالت الحكومة الألمانية والمصرف المركزي يتوقعان نمواً نسبته 0.4 في المئة فقط، إلا أن مصادر مطلعة تؤكد أنهما سيعيدان النظر في هذا الرقم قريباً على ضوء التوقعات الإيجابية. ومع استقرار سوق العمل نسبياً وارتفاع الأجور والمعاشات وتوقع إقرار زيادات جديدة، لم يتجاوز التضخم كثيراً معدل الاثنين في المئة المحدد من المصرف المركزي الأوروبي. ففي حين لم يتجاوز التضخم الوسطي 2.1 في المئة العام الماضي، بلغ خلال الشهر الماضي 1.7 في المئة فقط، وهي بداية مشجعة. ورأت مؤسسة بحوث الاستهلاك أن «انتهاء انتكاسة النمو سريعاً شجع المستهلكين الألمان على مواصلة الشراء»، لافتة إلى أن مؤشر الاستهلاك يتوقع ارتفاع المشتريات خلال الشهر الجاري 0.1 إلى 5.8 نقطة، وهو الارتفاع الأول بعد ثلاثة أشهر من التراجع. وحققت خزائن الدولة العام الماضي دخلاً قياسياً من الضرائب والرسوم بلغ 552 بليون يورو، بزيادة خمسة في المئة مقارنة بالعام الماضي.