تبدلت أجواء معظم الشركات الألمانية وكذلك أجواء الحكومة، بعد مرحلة قلق من آفاق الاقتصاد المحلي هذه السنة، واتجهت أخيراً نحو الانفراج بعد المؤشرات الداخلية المتفائلة وازدياد العلامات على قرب خروج منطقة اليورو من أزمة الديون، وذلك خلال النصف الأول من السنة. أما بعد ذلك، فيبدو التفاؤل أكبر. وأوضح وزير الاقتصاد الألماني فيليب روسلر خلال تقديم التقرير الاقتصادي لوزارته، أن حكومته «مقتنعة بأن الاقتصاد المحلي سيتجاوز خلال الأشهر القليلة المقبلة مرحلة الضعف وسيستعيد مسيرة النمو». وأشار إلى أن «المستثمرين أجّلوا استثماراتهم نتيجة مخاوف لكنهم لم يلغوها، وعندما يبدأون بها سيشهد الاقتصاد انتعاشاً ملموساً». وكان لافتاً ارتفاع أجواء تفاؤل الشركات في مؤشر النمو لمعهد «إيفو» للبحوث في ميونيخ خلال كانون الثاني (يناير) الماضي للمرة الثالثة على التوالي من 102.4 إلى 104.2 نقطة، وهو الارتفاع الأعلى منذ منتصف العام الماضي. وقال رئيس المعهد هانس فرنر زن إن الاقتصاد ينطلق هذه السنة بآمال مفعمة. ومن وجهة نظر الاقتصاد الخاص، بدأت السنة بتغلب التفاؤل على التشاؤم، وأعلن اتحاد غرف التجارة والصناعة مطلع الأسبوع نتائج استطلاع أجراه مع 28 ألف شركة، وأظهر أن 62 في المئة منها متفائلة مقارنة ب60 في المئة خلال الخريف الماضي، مع تراجع عدد المتشائمين من 22 إلى 18 في المئة. وأوضح مراقبون أن الإنتاج والصادرات ومؤشرات النمو تتقدم، ما يزيد الأمل بأن تتجاوز ألمانيا بسرعة أكبر من المتوقع، تداعيات أزمة الديون الأوروبية. وتوقع رئيس اتحاد التجارة الخارجية وتجارة الجملة انطون بورنر أن يسجل النمو هذه السنة نسبة أعلى من التقديرات السابقة، أي 0.7 في المئة، خصوصاً بعد استقرار الطلبية من الخارج. وأضاف «أزمة الديون سترافقنا حتى عام 2016، ولكنها لن تتصاعد بعد الآن». وينتظر مراقبون أن تزداد الصادرات الألمانية إلى دول منطقة اليورو من جديد بعد المؤشرات الإيجابية فيها، والتي أكدها رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، الذي لمح إلى إمكان انتهاء أزمة الديون هذه السنة. وكان معهد «إيفو» أكد أن الركود سينتهي في المنطقة بعد النصف الأول من السنة لتبدأ مرحلة نمو بطيئة. وبعدما تفاجئ المراقبون من انكماش الاقتصاد 0.5 في المئة خلال الربع الأخير من العام الماضي، أعلن أرباب العمل وخبراء اقتصاد أنهم ينتظرون نمواً يراوح بين 0.3 وواحد في المئة. وفيما تتوقع مصادر حكومية أن ترفع وزارة الاقتصاد توقعاتها للنمو من 0.4 في المئة، أعلن معهد بحوث الاقتصاد «دي إي في» أنه ينتظر نمواً نسبته 0.9 في المئة هذه السنة واثنين في المئة العام المقبل. إلى ذلك توقع خبراء استقرار الوظائف، مع ارتفاع محدود في عدد العاطلين من العمل، في مقابل استهلاك أكبر من قبل المواطنين بفضل زيادات سابقة للأجور وأخرى متوقعة هذه السنة. ولفتت «مؤسسة بحوث الاستهلاك» في نورنبرغ إلى أن القوة الشرائية للفرد ارتفعت نحو 554 يورو هذه السنة، متوقعة انفراجاً بطيئاً لكن ملموساً في منطقة اليورو. وبفضل النمو المسجّل العام الماضي، حققت خزائن الدولة والولايات والبلديات فائضاً من مداخيل الرسوم والضرائب بلغ 2.2 بليون يورو بعد احتساب النفقات، ما يعادل 0.1 في المئة من الناتج المحلي السنوي، وهو الأول منذ العام 2007.