تسجّل في تونس سنوياً 14 ألف إصابة بالسرطان، منها ألفا حالة من سرطان الثدي الذي يشكل نحو 30 في المئة من إصابات مرض السرطان لدى النساء التونسيات. ولئن مكّنت التطورات الطبية، إضافة الى حملات التوعية والتثقيف الصحي، من الكشف المبكر عن المرض، فإنّ الإحصاءات تؤكد ان ارتفاع عدد الإصابات بين النساء يعود إلى أنّ غالبية المصابات لا يكتشفن المرض في مراحله الأولى، وفق ما أكده الكثير من الأطباء. ووفق «الجمعية التونسية لمساعدة مرضى سرطان الثدي»، فإنّ الإصابات بالمرض تنتشر بنسبة 70 في المئة لدى النساء اللواتي تجاوزن الخمسين من العمر، فيما تتراوح النسبة بين 8 و9 في المئة من الحالات لدى النساء اللواتي لم يتجاوزن الخامسة والثلاثين من العمر. يرى الدكتور خالد رحّال، رئيس «الجمعية التونسية لمساعدة مرضى سرطان الثدي» رئيس قسم جراحة السرطان في واحدة من أهمّ مستشفيات العاصمة، أنّه «على رغم الجهود الكثيرة في ما يتعلّق بالتوعية على الصعيد الوطني، فإنّ 20 في المئة من النساء المصابات بسرطان الثدي لا يكتشفن الأمر إلاّ في مراحل متقدمة من المرض». وأكد أنّه «بتشخيص بسيط مبكر يمكن علاج المرض بنسبة نجاح عالية جداً تصل إلى حدود 95 في المئة». أمّا في حالات الكشف المتأخر، وتحديداً في المرحلة الرابعة، فلن تتعدى نسبة النجاح العشرة في المئة، فيما يبقى التدخل الجراحي مرتبطاً بحجم الورم. وكلما اكتشف المرض مبكراً... سهل اللجوء إلى التدخل الجراحي للحفاظ على الثدي وتجنب استئصاله. ويُعد التدخين والكحول والسمنة الزائدة من أهمّ العوامل المسببة للمرض الذي يحصد نحو 13 في المئة من الوفيات في العالم. شهادة حيّة تبدو حال كريمة من أكثر الحالات إيلاماً من الناحية الإنسانية. تعيش كريمة في بيت بلا ماء ولا كهرباء، على رغم إصابتها بالسرطان. وكانت كريمة اكتشفت قبل بضع سنوات المرض الخبيث الذي يمخر صدرها، ولكنّ ذلك لم يمنعها من أن تشقى وتكدَّ من أجل توفير لقمة العيش لها ولأسرتها الصغيرة. وعلى رغم المصيبة والفقر، تشتغل كريمة في قسم التنظيفات في إحد المستشفيات الحكومية صباحاً، لتواصل العمل ذاته في دار للثقافة بعد الظهر. ومع ذلك، تقطن كريمة في منزل لا نور فيه ولا ماء، ولا تتوافر فيه أبسط مقومات العيش الكريم. وإلى السرطان المتغلغل في جسدها، تعاني كريمة أيضاً حساسية في العينين، وتتناول أدوية لتهدئة الأعصاب، فيما ابنها الوحيد مصاب بإعاقة سمعية وزوجها مريض مقعد. وعلى رغم الآلام التي تعيشها يوميّاً، فإن البسمة لا تفارق وجهها، ويصاحبها الأمل في حياة أفضل مع كل صباح جديد، خصوصاً أنها ستدخل قريباً المستشفى من أجل جراحة ثانية بعدما خضعت لجراحة أولى في الظهر. وتأمل كريمة بأن يأتي يوم تتحسّن فيه... لتعيش حياة طبيعية كغيرها من النساء.