اتهمت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول أعمال العنف في سورية، طرفي النزاع بالمسؤولية عن ارتكاب جرائم حرب في البلاد، محذرة من أن آثار النزاع السوري يمكن أن تمتد لأجيال وتقوض الأمن في كل منطقة الشرق الأوسط. واعتبرت كارلا ديل بونتي، عضو لجنة التحقيق، أنه آن الأوان كي يتدخل القضاء الدولي، داعية المحكمة الجنائية الدولية إلى إطلاق تحقيق حول جرائم حرب في سورية. وجاء في تقرير أصدرته اللجنة أمس، أن «عمق المأساة السورية ينعكس بطريقة مؤثرة عبر عدد الضحايا التي توقعه. التجارب الفظيعة التي يرويها الناجون تشير إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية». وحذر التقرير من أن «الآلية المدمرة للحرب الأهلية لا تترك آثاراً فقط على السكان المدنيين، وإنما تقضي أيضاً على كل الهيكلية الاجتماعية المعقدة للبلاد، وتعرّض للخطر الأجيال المستقبلية وتهدد السلام والأمن في كل المنطقة». ولجنة التحقيق المستقلة التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان لدى الأممالمتحدة في 2011، تضم عدة أعضاء، بينهم المدعية العامة السابقة لمحكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة كارلا ديل بونتي. ولم تتمكن اللجنة من التوجه إلى سورية حيث يواجه نظام الرئيس السوري بشار الأسد انتفاضة شعبية تحولت الى نزاع مسلح منذ آذار (مارس) 2011 أوقعت 70 ألف قتيل وفق تقديرات الأممالمتحدة. وكانت اللجنة اتهمت في تقريرها الأول في آب (أغسطس) 2012 الطرفين بارتكاب جرائم حرب وأقرت في الوقت نفسه بمسؤولية اقل للمعارضة المسلحة. وقال ديل بونتي عند عرض تقرير اللجنة: «آن الاوان ليتدخل القضاء ونقترح المحكمة الجنائية الدولية». وأضافت أمام الصحافيين: «يجب أن تتخذ المجموعة الدولية ومجلس الأمن الدولي قرار إحالة هذا الملف إلى القضاء». وتابعت بعد نشر تقرير اللجنة حول الوضع في سورية: «لا يمكننا اتخاذ قرار بأنفسنا، لكننا نمارس ضغوطاً على المجموعة الدولية للتحرك». وقالت: «آن الأوان للتحرك، إذ إنه من غير المعقول عدم اتخاذ مجلس الأمن أي قرار منذ سنتين». وفي هذا التقرير الجديد الذي يستند إلى إفادات 450 شخصاً، تقول اللجنة إن الوضع تفاقم إلى دوامة عنف. وحذرت من أن «وضع حقوق الإنسان في سورية مستمر في التدهور، فيما أصبح النزاع طائفياً بشكل متزايد مع مسار اكثر تطرفاً وذي طابع عسكري أكثر للعمليات». وجاء في التقرير أن «القوات الحكومية، وكذلك الميليشيات المتحالفة معها، ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وأعمال قتل وتعذيب واغتصاب، وهي مسؤولة عن اختفاء قسري لعدد من الأشخاص وأعمال أخرى غير إنسانية». وانتقد التقرير بالطريقة نفسها مسلحي المعارضة السورية. وقال إن «المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة ارتكبت جرائم حرب بما يشمل أعمال قتل وتعذيب واحتجاز رهائن وهجمات على أملاك محمية. وهي تواصل تعريض السكان المدنيين للخطر، عبر التصويب على أهداف عسكرية انطلاقاً من مناطق مدنية». واعتبر التقرير أنه «حين تقصف مجموعات مسلحة مناطق مدنية بشكل خاص، إنما تنشر الرعب، وذلك يمكن اعتباره جرائم حرب». وتابع أن «طرفي النزاع انتهكا القوانين الدولية لحقوق الطفل عبر استخدامهم كجنود». وأكد التقرير أيضاً أن القوات الحكومية تبقى المسؤول الرئيسي عن هذه الفظاعات. وقال إن «الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة لم تبلغ حدة تلك التي ترتكبها القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها ومستواها». وتنتهي المهمة الحالية للجنة التحقيق الشهر المقبل مع تسليم مفوضة الأممالمتحدة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي لائحة سرية بأسماء افراد ووحدات تعتبر مسؤولة عن هذه الفظاعات من أجل إفساح المجال أمام إطلاق الآلية القضائية الدولية. وقال التقرير إن «إيجاد المسؤولين عن كل الجرائم من الطرفين أمر ضروري». وأضاف أن «السعي إلى السلام والعدالة مسؤولية مشتركة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية». وخلص إلى القول: «ليس هناك حل عسكري للنزاع»، مؤكداً أن «وقف الأعمال الحربية بشكل دائم يبقى ذا أهمية أساسية لوقف العنف والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان».