تهدّد التظاهرات في عدد من محافظات مصر والعصيان المدني الذي بدأ أول من أمس والمستمر في محافظة بورسعيد، وهي الأحدث في سلسلة الفوضى التي شهدتها مصر على مدى سنتين، عمليات قناة السويس التي تمثّل شريان الشحن الضروري للتجارة العالمية، وواحدة من أهم مصادر العملة الصعبة للاقتصاد المصري المنحدر. وأظهرت الاحتجاجات في بورسعيد مثالاً نادراً على العصيان المدني العام في مصر، منذ الثورة التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك مطلع عام 2011، إذ حاصر المحتجون المباني الحكومية وطالبوا الموظفين والعاملين في المحكمة والمحافظة وشركات الغاز الطبيعي والاتصالات والجمارك، بالتوقف عن العمل والانضمام، إليهم ولبّى كثر هذا المطلب. كما قطع المحتجون السكك الحديد، وبيّنت الصور المتداولة على الشبكة الإلكترونية نساء يجلسن على مقاعد حصَلن عليها من مدارس أغلقت. وإزاء كل هذه التطورات، لم تعلق الحكومة المصرية على حال العصيان بل ركّزت اهتمامها فقط على قرض صندوق النقد الدولي، إذ دعا وزير التخطيط والتعاون الدولي أشرف العربي، البعثة الفنية للصندوق إلى زيارة مصر خلال الأسابيع المقبلة، للاطلاع على برنامج الإصلاح الوطني، الذي تسعى حكومة هشام قنديل إلى الانتهاء منه قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، ومراجعته بعدما عُدّل وفق الحوار الوطني المختار أخيراً. وأعلن العربي، أن الحكومة «تنهي إعداد البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بعد درس الاقتراحات تمهيداً لاستضافة بعثة صندوق النقد الدولي التي ستصل إلى مصر خلال الأسابيع المقبلة، للتفاوض حول الحصول على القرض البالغ 4.8 بليون دولار». وأوضح في مؤتمر «الخبرات الدولية، التنمية والتخطيط»، الذي تنظمه وزارة التخطيط والتعاون الدولي بمساهمة المنظمة اليابانية «الجيكا» في القاهرة، لتبادل خبرات التخطيط في بعض الدول في مقدمها اليابان وتركيا، أن الاقتراحات التي توصلت إليها الحكومة مع المشاركة المجتمعية «تطوّر البرنامج لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، على أن تتحملها الطبقة الأعلى دخلاً وستكون بعيدة من الفقراء». وكشف «الإعداد حالياً لخطة التنمية الاقتصادية 2013 - 2014 المتوقع إنجازها قبل نهاية آذار (مارس) المقبل، وتتضمن تحقيق النمو والتنافسية ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية والمؤشرات ومتابعة تقويم الخطط». وأشار إلى «الاستعانة في وضع الخطة الجديدة بالمشاركة المجتمعية من خلال تبادل الخبرات مع الاقتصاديين والمهتمين من كل التوجهات والانتماءات، ومنظمات المجتمع المدني المتنوعة لضمان مشاركة حقيقة». وفي مجال التعاون الدولي، أكد العربي العمل على «تعزيز الإنفاق، سواء الحكومي أو من المنح والقروض الميسرة. وستُتاح قبل نهاية الشهر المقبل كل المشاريع الممولة بالمنح والقروض الميسرة لتعزيز الشفافية والمراقبة، بخطوات عملية تنعكس على إصلاح منظومة التخطيط من أجل التنمية الشاملة». وذكّر ب «حرص الحكومة على «عدم تحمّل الفقراء ومحدودي الدخل كلفة الإصلاحات». وتوقع مساعد المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة فخري الفقي، حصول «أزمة في شراء مصر حاجاتها الغذائية مع اقتراب فصل الصيف، بسبب الانتخابات البرلمانية التي تستمر شهرين، وستؤدي إلى اتفاق على عملية صندوق النقد الدولي قبل السنة المالية الجديدة بداية تموز (يوليو)، وبذلك لن يكفي الاحتياط النقدي بالدولار لدينا لشراء الحاجات». واستبعد أن «تقدم أوروبا أي مساعدات لمصر». وأعلن وزير المال المصري المرسي حجازي، أن مشروع قانون لطرح عام للصكوك «سيعرض على اجتماع لمجلس الوزراء غداً الأربعاء بعد انتهاء اللجنة التشريعية في المجلس من مراجعته». ورجح «إصدار الصكوك السيادية الأولى هذه السنة»، مشيراً إلى أن مشروع الصكوك لا يعني بيع أصول الدولة، وأنه سيسمح بتمويل عدد من المشاريع من دون الضغط على الموازنة العامة مثل صوامع الغلال ومستودعات كبيرة للوقود». ولفت إلى أن الهدف من قرض صندوق النقد «ليس الأموال التي ستحصل عليها مصر، بل استعادة ثقة المجتمع الدولي بما يسمح بعودة الاستثمارات إلى مصر».