في شمال لبنان، تنتظر اللاجئات السوريات الحوامل لمقابلة طبيب نسائي. لكن عدداً منهن ممن يعانين من التوتر بسبب العنف وفقر الدم يلدن قبل الأوان فيما يتعذر عليهن أحياناً توفير سقف يحمي وليدهن. في طرابلس كبرى مدن شمال لبنان، التي تستقبل آلاف اللاجئين، تنتظر عشرات النساء في عيادة أنشأتها مؤسسة خيرية لنقص مواردهن الكفيلة بإدخالهن مستشفيات لبنان الباهظة التكاليف. وأوضحت الطبيبة نشوى شقفي، التي تفحص هؤلاء النساء مجاناً بمساعدة ممرضة، لوكالة «فرانس برس» أن «توترهن وخوفهن قد يؤديان إلى إجهاض الطفل». وفي غرفة صغيرة عارية الجدران، تفحص الطبيبة النسائية خلف ستار أبيض خفيف يومياً نساء يفدن أحياناً من أقصى الشمال السوري ويجتزن مئات الكيلومترات تحت خطر الرصاص والغارات الجوية. وأفاد زميلها الطبيب غازي أسود: «من بين بعض النساء اللواتي ولدن هنا، نشتبه في أن يكون الأطفال نتيجة عمليات اغتصاب نفذتها الميليشيات، على رغم أنهن لا تتحدثن عن ذلك بسبب محرمات المجتمع السوري المحافظ جداً». وأكدت وكالة الغوث الدولية في كانون الثاني (يناير) استناداً إلى شهادات أن الاغتصاب بات ظاهرة «مقلقة» في سورية إذ «روى كثير من النساء والفتيات كيف هوجمن علناً أو في ديارهن، من جانب مسلحين بشكل عام». وعلى رغم ظروف حياتهن الصعبة تعتبر اللاجئات بحسب شقفي محظوظات مقارنة بمواطناتهن اللواتي عجزن عن مغادرة سورية حيث يتضاعف توتر الحمل كثيراً بسبب العنف. وقالت الطبيبة التي تتواصل على الدوام مع زملاء لها في سورية إن «الولادات القيصرية ازدادت إلى حد هائل هناك لأن الكثير من النساء يخشين بدء الطلق ليلاً وتعذر التوجه إلى مستشفى». وقالت: «إنهن يستفدن من فترات التهدئة لإجراء ولادة قيصرية وأحياناً قبل موعدها بكثير». هذا ما حدث مع أم نورا السورية (25 سنة) التي عانت في الصيف الماضي من مشاق الولادة في حمص كبرى مدن شمال سورية التي مزقتها الحرب. وقالت: «عندما استيقظت من المخدر أول ما سمعت كان بندقية رشاشة خارج المستشفى». وككل امرأة حامل عانت من تشنجات أبعدت عنها النوم في شهرها التاسع، لكن الوصول إلى المستشفى كان عصيباً جداً. وروت: «اجتزنا حواجز عدة قبل الوصول إلى المستشفى، واعتقدت أنني سألد فوراً». وتابعت: «في المستشفى حتى قسم الولادات كان يعج بالعسكريين». وأفاد ناشطون عن قيام عسكريين باستجواب الجرحى في المستشفيات لرصد منشقين ومعارضين محتملين. عند وصولها اتخذت أم نورا قراراً محفوفاً بالمخاطر، هو أن تلد بعملية قيصرية على رغم مخاطر العملية وصعوبة العثور على أكياس دم عند الحاجة. وقررت حاملة شهادة الهندسة المدنية ذلك لأن «اجتياز المسافة مجدداً بين المنزل والمستشفى خطير جداً». وتابعت: «ليس هناك إلا مستشفى واحداً يعمل» في المدينة. وأكد رئيس بعثة أطباء بلا حدود في سورية فرانز لويف أن أكثر من 40 في المئة من عمليات الولادة في البلاد تجرى حالياً في شكل قيصري. وأوضح أن «خدمة الصحة العامة انهارت ويتعذر على أي منظمة أن تحل محلها. وبالتالي من المستحيل تقديم خدمات التوليد بشكل عاجل» ما قد يؤدي إلى وفاة الأم والطفل. في بلاد كان فيها النظام الصحي العام فعالاً وشبه مجاني بات البديل السائد الإجهاض حيث تخشى الأم العجز عن تلبية احتياجات الرضيع في أثناء النزاع.