طوّر فريق بحثي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة «إم آي تي»، نظاماً جديداً لتنقية المياه، التي تم استخدامها في شق وتكسير مكامن الغاز الصخري، التي تحوي نسباً عالية جداً من الملوحة، تفوق بأضعاف ملوحة مياه البحر، وبكلفة منخفضة نسبياً. وكشف الباحثون عن أن هذه التقنية «تساعد في إنشاء وحدات للتحلية في الدول النامية، ذات كفاءة عالية، وبكلفة منخفضة». وتزداد أهمية التقنية المبتكرة للأهمية المتزايدة للغاز الطبيعي الذي يتم التحول إليه لإنتاج الطاقة، للتقليل من انبعاثات الكربون المسببة للاحتباس الحراري، كما أنه وبسبب سعي الولاياتالمتحدة للاكتفاء الذاتي من الطاقة، فإن هناك اهتماماً كبيراً بتقنيات إنتاج الغاز الصخري، وتشكل الحاجة إلى كميات كبيرة من المياه إحدى أهم مشكلات استخراج هذا الغاز غير التقليدي، إلا أن التقنية الجديدة تمكّن شركات الحفر من الاكتفاء بكميات محدودة من المياه، نظراً إلى قدرة الجهاز على إعادة تأهيل المياه المستخدمة وجعلها صالحة للاستخدام. وذكر أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة الملك فهد مدير مركز التميز البحثي في التعاون بين الجامعة وجامعة «إم آي تي» الدكتور عمرو القطب، أن «معالجة المياه في حقول النفط والغاز الصخري أحد التطبيقات المهمة للنظام الجديد، لأن تلك المياه تكون شديدة الملوحة ومختلطة بالزيت وتحتوي على شوائب كثيرة، بحيث لا يمكن إعادة استخدامها. كما أنه لا يوجد نظام تحلية قادر على تحلية هذه النوعية من المياه». وأوضح أن الاختراع الجديد يمثل «حلاً جذرياً للمشكلة، إذ يستطيع الجهاز التعامل مع الملوحة الشديدة». وذكر قطب أن هناك «شركة وليدة من هذه التقنية، تمارس عملها في بوسطن، ويملكها أساتذة وطلاب من جامعة إم آي تي». وأضاف: «الشركة ستقوم بشراء الابتكارات ودفع قيمتها للجامعتين، ثم ستسوّق المنتج إلى شركات النفط في الولاياتالمتحدة»، موضحاً أنه «يتم العمل على إنشاء شركة سعودية لتحلية المياه بهذه التقنية»، لافتاً إلى أنها ستكون أول شركة في المملكة قائمة على تقنية بحثية». وأضاف أن «جامعة الملك فهد وجامعة إم آي تي لديهما اتفاق لتبادل التقنيات، والشراكة في أسهم الملكيات الفكرية». ولفت إلى أن النظام الجديد «فعّال جداً في توفير مياه الشرب للمنازل والمجمعات السكنية، كونه جهازاً صغيراً وسهل النقل. كما أنه يساعد في توفير مياه الشرب بشكل اقتصادي جداً في الأماكن البعيدة عن المسطحات المائية، وبذلك يوفر كلفة النقل والتمديدات»، مبيناً أنه «يمكن تركيب أكثر من جهاز في الخزان الواحد. وتراوح قدرة الجهاز الواحد من 3 آلاف إلى 4 آلاف لتر يومياً، باستخدام كميات صغيرة من الوقود». وأوضح أن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن تطور في معاملها حالياً نسخة مطورة من الجهاز، أكثر كفاءة وأصغر حجماً وأقل استهلاكاً للوقود، وتم الحصول على براءة اختراع للجهاز الجديد، كما أن 7 منتجات ابتكارية في طور التسجيل كبراءات اختراع. وقال: «يمكن تحقيق استفادة كبيرة من الجهاز في المملكة، سواءً في تحلية المياه أم في القطاع النفطي. كما أنه صديق للبيئة». وأشار إلى أن «طريقة عمل الجهاز الجديد تحاكي عملية تكوين الغيوم وتكاثفها وهطول الأمطار في الطبيعة، إذ لا تحتاج إلى تبخير المياه تحت درجات حرارة عالية. بل يقوم الهواء بحمل بخار الماء في درجات حرارة دافئة، ثم يتم تكثيفها على شكل غيوم». وذكر القطب أنه «في عملية التقطير الاعتيادية يتم تسخين المياه المالحة وتكثيف بخار الماء على سطح بارد، بحيث ينفصل الملح خلال عمليه التبخير، وتستهلك هذه العملية كميات هائلة من الطاقة، لأنه ينبغي تسخين المياه لدرجة الغليان. كما ينبغي تبريد أسطح التكثيف في الوقت نفسه. أما في التقنية الجديدة فيتم تبخير المياه من دون نقطة الغليان، من طريق تمرير غاز ناقل يحمل الهواء الرطب على شكل فقاعات تحملها مياه مبردة، ثم يتكثف بخار الماء ليكون ماءً نقياً». وذكر أستاذ الهندسة الميكانيكية المساعد في جامعة الملك فهد الدكتور مصطفى الشرقاوي أن «التقنية الجديدة في تنقية المياه يمكن استخدامها في تطبيقات عدة، إذ يمكن استخدامها لتوفير المياه العذبة للبيوت والمجمعات السكنية الصغيرة بسهولة وبتكاليف منخفضة». وأضاف أن «شركات النفط والغاز مهتمة جداً بالتقنية، لأنها ستستفيد منها في إعادة تأهيل المياه المستخدمة في تكسير الصخور، واستخراج الغاز والنفط الصخري». وأشار إلى أن نسبة ملوحة المياه المستخدمة في استخراج الغاز والزيت الصخري تصل إلى 120 ألف وحدة للمليون، وهي نسبة عالية لا توجد أية تقنية معروفة قادرة على معالجتها، وكان الحل الوحيد أمام الشركات نقل كميات ضخمة من المياه لاستخدامها في استخراج الغاز والزيت الصخري».