بعد قطيعة دامت اكثر من عشر سنوات تخللها ترهيب وتخويف، يحاول عدد من الاخصائيين في التجميل كسر الرتابة التي تعيشها بغداد عبر ضخ شريان الحياة في مهنتهم بعد ان اصابها الموت في الصميم. ونظم الاخصائيون وهم من الاكثر شهرة في التبرج والتجميل مهرجانهم الاول بمشاركة خجولة لعدد من الفتيات وحضور ملفت، واعتبروه اختبارا لمرحلة جديدة تكسر الحواجز النفسية وهواجس الخوف. وتقول نادية حمزة فؤاد، احدى منظمات المهرجان لفرانس برس، "هذا النشاط هو الاول لنا بعد احداث عام 2003 ونعتبره خطوة اولى لتحقيق النجاح". وتضيف "ساد الظلام وانطفأت انوار التبرج قبل عشرة اعوام وخصوصا في صالونات النساء (...) لقد تخلف المجتمع كثيرا بسبب الفترة المظلمة في هذا المجال". وتعتبر نادية ان "اهم حدث في المهرجان هو تسليط الاضواء على اشراقة المراة العراقية التي تبدو خافية على العالم". وفي المهرجان تسريحات ومكياج وعرض للازياء برعاية نقابة العمال والسياحة بمشاركة عدد من الحلاقين من بغداد والمحافظات. وتقول نادية، وهي مديرة جمعية حقوق المراة والطفولة، ان المهرجان مؤشر على بداية نهضة جديدة لهذا الفن الذي عانى الاهمال خلال الفترة الماضية. يذكر ان اصحاب المهنة تعرضوا للاغتيال والتهديدات خصوصا في بغداد، الامر الذي دفع بعدد كبير من اصحاب الصالونات الى الهجرة. ويعتبر خبير التجميل علي بلبل ان المهرجان خطوة باتجاه مهرجان اخر ضخم يجمع التخصصات ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية ويقام في نيسان/ابريل المقبل. ويضيف بلبل الذي عمل في مجال التجميل لاكثر من ثلاثين عاما "نامل ان تكون هذه الحركة مستمرة ومقبولة كي يتاكد الشعب العراقي ودول الجوار اننا اصحاب نهضة فنية كبيرة ونرى الحياة بشكل رائع". ويطالب بلبل الذي يملك مركزا للتجميل الحكومة بدعم مشاريع مماثلة وتاسيس "اكاديمية تجميل لخدمة جميع الاطياف من الطفل حتى الشيخ"، مشيرا الى ان المهرجان خطوة ايجابية لجذب الخبرات العالمية كي تمتزج بالخبرات المحلية فيكتمل الجمال". ويقول المنظمون ان التسريحات والمكياج تمزج بين ثراث البلاد والحداثة. أما نجم عاشور وهو صاحب اكاديمية للحلاقة والتجميل فيقول ان "الكثير من الحلاقين، اناثا وذكورا، تعرضوا للعنف والارهاب بسبب مهنتهم التي تهتم بالجمال والابداع". ويضيف "نريد من الدولة ان ترعى هذه المهرجانات خصوصا ان لدينا شريحة واسعة تعمل في هذا الوسط". ويتابع نجم، وهو احد اشهر حلاقي بغداد، ان "المهرجان ياتي بعد قطيعة (...) ومن الممكن ان يستقطب لنا العمالقة الموجودين في البلاد. فالعراق مر بغيمة سوداء اثرت على الحلاقين وفقدنا الكثير من الزملاء". ويوضح الحلاق الذي يشارك في مهرجانات اقيمت في دول عربية ان "المهرجان يظهر الفنانين العراقيين للعالم (...) نحن جالسون وراء ابواب مقفلة فلا يرانا احد سوى الزبائن. الفن في العراق يمرض لكنه لا يموت فهو يتجدد دائما". وقد عادت الحياة الى صالونات الحلاقة وبدأت مراكز تجميل تظهر في بغداد. وقالت الممثلة ميلاد سري التي حضرت كناقدة "هناك ارتباكات، يحتاج المهرجان الى حضور اكثر واساليب اخرى"، لكنها اعتبرته "جيدا بشكل عام". واضافت "نطمح الى تنظيم مهرجانات طوال السنوات المقبلة، والا يكون الامر لمرة واحدة فقط". وقالت سعاد طه، احدى المشاركات التي عرضت تسريحة سويدية، "لدي شعور جميل، مزيج من الخوف والسعادة، انها فرصة جيدة ان تقدم الفتاة العراقية ما لديها فهي ليست مختلفة عن غيرها وتتمتع بالاثارة والجمال". واضافت ان "المهرجان فرصة لكي تعرض جمالها الذي يعكس جمال العراق". ونددت الفتاة ذات العشرين ربيعا بالقيود التي يفرضها المجتمع والظروف التي مر بها البلد، قائلة "لم نحظ باي فرصة بسبب القيود، فالفتيات يرغبن في تقليد الموضة واتمنى ان نصل الى العالمية".