أزياء مزركشة، غنية بالألوان الصارخة والتفاصيل المتنوعة، تسرق النظر بالفرح الذي تبثه من بين ثناياها التي غالباً ما تأتي مفعمة بالورود الملونة والتطريزات المعقّدة. تبدو عارضة أزياء الفلامنكو، راقصة حقيقية مفعمة بالحركة، تتحرك على وقع الألوان التي تميّز أزياءها الغنية بالكشاكش والقصّات الفضفاضة من الذيل لتساعد على إبراز حركة الأرجل، وشكل القامة خلال الرقصة التي تقوم على تثبيت بعض الحركات على وقع الموسيقى. وكان مهرجان أزياء «الفلامنكو» الدولي، افتتح في مدينة إشبيليّة الإسبانية، وتضمن تقديم مجموعة من عروض الأزياء الخاصة بتصميمات الفساتين الشعبية، المعروفة بالفلامنكو، لعدد من المصممين والمصممات المتخصصين في صناعة هذه الملابس والأزياء، منهم روسيو بيرالتا، ومارغاريتا فرير، وبياتريس رينا. الحدث الذي شهدته إشبيلية، يتكرر كل عام، في طرح مجموعات تؤكد أهمية الفلامنكو من جهة وتكريس أزيائه كوحدة منفصلة عن أي أزياء أخرى، علماً أن غالباً ما يطعّم مصممون عالميون مجموعاتهم بلمسات تحاكي الفلامنكو، من الأكسسوارات إلى القصّات، وكان آخرهم رالف لوران الذي اختتم أسبوع الموضة في نيويورك لربيع - صيف 2013 بتصاميم بأناقة الفلامنكو، نالت استحسان المتابعين الذين أثنوا على ما قدّمه. الفرح الذي يلف أزياء الفلامنكو، يأتي ليتضارب مع التاريخ الرئيسي لهذه الرقصة، التي ظهرت في القرن الثامن عشر، وولدت للتعبير عن الحزن والإحساس بالظلم الذي كان يعتري مجموعة كبيرة من المضطهدين بسبب ملك إسبانيا (فريدناند في) والملكة إيزابيلا بعد أن اصدر مرسوماً عام 1492 يقضي بإبعاد كل شخص يعيش في مملكته لا يعتنق الديانة المسيحية الكاثوليكية. وقد جاء الفلامنكو رقصاً وغناء أشبه بالندب والنحيب حنيناً إلى الأرض، بخليط من الثقافات، لا سيما بين الغجر، وكان بعضهم جاء من شمال الهند في القرن الثاني إلى أوروبا الوسطى ووصلت مجموعة منهم إلى إسبانيا في بدايات القرن الخامس عشر، ثم جاءت مجموعة أخرى من شمال أفريقيا لاحقاً، ما جعل موسيقاهم تتأثر بشكل واضح بعلامات أصولية شرقية... وهو ما ينعكس أيضاً من خلال الألوان والقصات. يبدو الفلامنكو جزءاً أساسياً من الحياة الثقافية الإسبانية التي سطعت في العالم ككل، ويكتسب أهمية في كل المجالات، أهمهما أزياؤه الفولكلورية، التي وإن كانت ترتكز إلى قاعدة موحدة من خلال إبراز القامة الممشوقة للراقصة، والتركيز على بعض مكامن أنوثتها، فإنها تعطي المجال للإبداع في كل تفصيل.