في ظل حال الجمود السياسي وغياب اي مبادرات عملية مقبولة من النظام والمعارضة للوصول الى حل سياسي للازمة السورية عادت الانظار تتجه الى الحسم العسكري. وزاد من هذه التوقعات نشوب معارك في احياء دمشق اعتبرت من اعنف المعارك التي شهدتها العاصمة السورية منذ تموز (يوليو) الماضي. ويبدو ان الحرب التي دمرت احياء كاملة في مدن سورية اخرى تقترب الآن من قلب دمشق الذي ظل الى حد بعيد بمأمن من القتال العنيف. وتركزت الاشتباكات امس على الطريق السريع الذي يربط دمشق بمناطق الشمال السوري. واكد احد المقاتلين الذي اطلق على نفسه لقب «ابو الفدا» في حديث عبر خدمة «سكايب» لوكالة «اسوشييتد برس» ان احد حواجز قوات النظام على هذا الطريق اصبح منذ امس (الجمعة) في يدي المعارضة. وقال ان المقاتلين اصبحوا الآن على بعد نصف كيلومتر فقط من ساحة العباسيين في وسط دمشق. ويعتبر كل من النظام والمعارضة ان معركة دمشق ستكون المعركة الفاصلة التي ستحسم النزاع في سورية. وتقيم قوات النظام شبكة من الحواجز على مداخل العاصمة لم يتمكن الثوار حتى الآن من احداث اختراقات مهمة فيها. وقال نشطاء معارضون إن قوات النظام حاولت صد مقاتلي المعارضة في محاولة لاستعادة السيطرة على أجزاء من الطريق الدائري في دمشق، بينما يحاول المقاتلون تطويق العاصمة. اذ اخترقوا الخطوط الدفاعية للنظام في منطقة الغوطة الشرقية قبل يومين وسيطروا على أجزاء من الطريق ودخلوا حي جوبر الواقع على بعد كيلومترين عن مقرات الأجهزة الأمنية الرئيسية للنظام. كما وقعت اشتباكات عنيفة في تقاطع حرملة على الطريق الدائري جنوب جوبر الذي سيطر عليه مقاتلو المعارضة. وأطلقت الطائرات المقاتلة صواريخ على أحياء جوبر والقابون وبرزة. وتقول مصادر المعارضة انها لا تعتزم في الوقت الحاضر البقاء على الطريق الدائري، لأن هذا الطريق اصبح غير آمن لامدادات قوات النظام حتى لو انسحب مقاتلو المعارضة منه، وبالتالي فانهم لا يعتزمون البقاء فيه اذا زادت خسائرهم، لأنهم يستطيعون قصفه في اي وقت بعد ان نشروا القناصة في حي جوبر الذي ازيلت منه متاريس الجيش او تمت محاصرتها. ويبدو ان هدف المعارضة هو الآن التقدم ببطء نحو دمشق. ونقلت وكالة «رويترز» عن احد سكان حي جوبر ان هجوم المعارضة على الطريق الدائري سمح لها بربط هذا الحي بالغوطة الشرقية، وهي منطقة ضواحي ومزارع يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. ومع وجود خط إمداد لقواعد الجيش السوري على الساحل، لا تزال قوات النظام تتمركز في جبل قاسيون على الطرف الشمالي الغربي من دمشق وتقصف الضواحي من هناك. ويقول قادة مقاتلي المعارضة إنهم ارتكبوا أخطاء في الماضي عندما دخلوا دمشق ومدناً أخرى قبل أن يقطعوا خطوط إمداد قوات النظام. وردت قوات النظام على تقدم المعارضة بقصف عنيف لمناطق في دمشق ومحيطها واستخدمت الطيران الحربي في محاولة لصد المقاتلين المعارضين. وقصف الطيران كذلك بلدات الغوطة الشرقية، تزامنا مع اشتباكات وقصف على اطراف حي جوبر، الذي يتعرض لقصف من قوات النظام، مثل حي القابون في الشمال الشرقي. وفي جنوبدمشق دارت اشتباكات في حي القدم، بعد تعرض هذا الحي وحيي العسالي والحجر الاسود المجاورين للقصف بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة. كما تعرضت مدينة داريا للقصف. وفي محافظة ادلب، ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان طائرات حربية نفذت غارات جوية على مدينة معرة النعمان وبلدة كفرومة في ريف ادلب. وتحاول القوات النظامية استعادة معرة النعمان الاستراتيجية التي سيطر عليها المعارضون في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، ما سمح لهم باعاقة امدادات القوات النظامية المتجهة الى مدينة حلب التي تشهد معارك يومية منذ تموز الماضي. وفي محافظة حلب، تعرضت مناطق في مدينة السفيرة للقصف من قوات النظام التي تحاول استعادة السيطرة عليها بعد وصول ارتال منها الى شرقها. وقال المرصد ان مقاتلين من «جبهة النصرة» ومن فصائل اخرى يحاولون منذ اشهر السيطرة على هذه المدينة. من جهة اخرى قال ناطق باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة ان نحو خمسة آلاف سوري يفرون من بلادهم يوميا هربا من اعمال العنف. وتتوقع الاممالمتحدة ان يصل عدد اللاجئين السوريين في دول الجوار الاربع (تركيا، لبنان، الاردن، والعراق) الى نحو مليون ومئة الف شخص بحلول حزيران (يونيو) المقبل، اذا استمر الوضع على ما هو عليه.