اعلن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي أن مشاكل ما زالت تعترض الماليين وكل من يقدم لهم مساعدة لاستتباب الأمن والاستقرار في هذا البلد، في إشارة إلى عدم تفاؤل حكومته بعمليات القوات الفرنسية شمال البلاد، بالتزامن مع انتقال ساحة المعركة إلى مواقع محاذية للحدود الجزائرية، وصولاً إلى مدينة الخليل التي تبعد 18 كيلومتراً عن هذه الحدود لكن الوضع الميداني عكس تطورات «إيجابية» على هذه الحدود أمس، إذ أعلنت «حركة تحرير أزواد» (طوارقية) أن مقاتليها أوقفوا محمد موسى آغ محمد، الرجل الثالث في جماعة «أنصار الدين» والمسؤول عن تنفيذ أحكام ببتر ايدي لصوص، وأوميني ولد باب أحمد، القيادي في حركة «التوحيد والجهاد غرب أفريقيا» والذي يُعتقد بأنه شارك في خطف رهائن فرنسيين. وكانت الحركة أبدت استعدادها لدعم المهمة التي تقودها فرنسا عبر ملاحقة الإسلاميين، وعرضت إجراء محادثات سلام مع باماكو، لكن الجيش المالي يتهمها بإعدام جنود في بلدة أغلهوك العام الماضي. كما حاصرت قوات فرنسية وتشادية مسلحين في جبال ايفوقاس في كيدال، آخر معاقل الإسلاميين شمال مالي، في مقابل تشديد الجيش الجزائري الإجراءات المطبقة منذ بدء الحرب، بمراقبة المعابر الحدودية الجنوبية في مدينتي برج باجي مختار وتينزاواتين. وفي ختام دورة مجلس الأمة الجزائري، قال الوزير مدلسي: «على رغم أن الوضع في مالي يثير التفاؤل، هناك مشاكل تعترض الماليين وجميع من يقدمون لهم مساعدة لعودة الاستقرار والأمن، وبناء دولة تطمح إلى النمو». وكرر أن الوضع في مالي «يخصّ أبناءها الذين يبذلون جهوداً كبيرة للخروج من الأزمة»، علماً أن الجزائر التي تتقاسم 1400 كيلومتر من الحدود مع مالي، لم تشارك فعلياً في الحرب، واكتفت بالسماح لطائرات فرنسية بعبور مجالها الجوي من اجل ضرب معاقل تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» والجماعات الإسلامية المسلحة. ويعكس «تشاؤم» مدلسي عدم رضا الجزائر عن حصيلة التدخل الفرنسي في شمال مالي، والمتمثلة في استعادة المدن الكبرى، في مقابل خسائر محدودة تكبدها المسلحون. ونفذت القوات الفرنسية الأحد غارات جوية، وصفتها بأنها «كبيرة» طاولت مستودعات لوجستية ومراكز تدريب في منطقة قرب تساليت (شمال مالي) التي تبعد 70 كيلومتراً عن حدود الجزائر. وشكلت تساليت نقطة انطلاق لكتيبة مسلحة من تنظيم «التوحيد والجهاد في غرب افريقيا» تحركت إلى مدينة الخليل الجمعة الماضي، وأعلنت «حركة تحرير أزواد» أنها تصدّت لها، واستولت على 7 سيارات لمقاتليها الذين أسرت بعضهم. وفي ظل غياب أي حصيلة للجيش الفرنسي عن المسلحين القتلى، يبدو أن استراتيجيته بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء العمليات العسكرية، تركز على تسريع الحسم داخل المدن الكبرى واستهداف مراكز التدريب ومخازن الأسلحة، فيما اعتمد المسلحون الإسلاميون استراتيجية متوقعة عبر الانسحاب إلى الجبال، لتحضير حرب عصابات قد تطاول لاحقاً مراكز الجيش المالي المحيطة بمدن الشمال ومطاراتها.