ظلت الخلافات بين موقفي واشنطنوموسكو من الازمة السورية على حالها، بعد اللقاءين اللذين جمعا امس في ميونيخ رئيس «الائتلاف الوطني» السوري الشيخ معاذ الخطيب مع نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمبعوث الدولي العربي الى سورية الاخضر الابراهمي. فقد اكد بايدن ان «خلافات كبرى» لا تزال قائمة مع روسيا، وكرر موقف واشنطن الذي يعتبر ان الرئيس الاسد «لم يعد قادراً على القيادة»، فيما كرر لافروف مواقفه السابقة من ان الاصرار على تنحية الاسد «هو اكبر سبب لاستمرار المأساة في سورية». ويعتبر لقاء الخطيب وبايدن اعلى مستوى في لقاءات المعارضة السورية مع الادارة الاميركية منذ بدء الازمة. كما ان لقاءه مع لافروف هو الاول بينهما. ولم تصدر اي انباء عما جرى تداوله اثناء هذا اللقاء. وقال الخطيب انه تلقى «دعوة واضحة» من الوزير الروسي لزيارة موسكو. واضاف «لدى روسيا رؤية معينة لكننا نرحب بالمفاوضات لتخفيف الأزمة ويجب مناقشة الكثير من التفاصيل». وكان الخطيب رفض تلبية دعوة سابقة لزيارة موسكو في كانون الاول (ديسمبر) الماضي. وتوقعت مصادر دبلوماسية ان يعقد الخطيب لقاء كذلك مع وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي الذي يشارك ايضاً في مؤتمر ميونيخ. واكد نائب الرئيس الاميركي ان «خلافات كبرى» لا تزال قائمة بين الولاياتالمتحدةوروسيا حول هذه الازمة الى جانب ملفات دولية كبرى. واعرب عن امله في ان يعزز المجتمع الدولي دعمه للمعارضة السورية. واكد العمل مع شركاء الولاياتالمتحدة لتكون المعارضة السورية «اكثر وحدة واكثر تضامنا»، واضاف: «نحن مقتنعون ان بشار الاسد طاغية مصصم على البقاء في السلطة، لكنه لم يعد قادرا على قيادة الامة». اما لافروف فاشار مجدداً الى موقف موسكو الذي يعتبر ان «الاصرار على ان تنحية الاسد يجب ان تكون شرطاً مسبقاً للتفاوض هو اكبر سبب لاستمرار المأساة في سورية». وتمنى ان تجتمع مجموعة العمل حول سورية بقيادة الاخضر الابراهيمي مجددا للسعي الى التوصل الى حل انتقالي، معتبرا انه يمكن «تحقيق تقدم». واوضح لافروف ان بلاده تشارك الغرب قلقه من امكان استخدام الاسلحة الكيماوية السورية، واكد ان موسكو تلقت تأكيدات من الحكومة السورية بانها تراقب هذه الاسلحة وتمنع المعارضة من الاقتراب من الاماكن الحساسة التي توجد فيها. واضاف «ان شركاءنا متفقون معنا على ان التهديد الاكبر يتمثل في احتمال حصول مقاتلي المعارضة على هذه الاسلحة». وفي الوقت الذي كانت تجري فيه الاتصالات في شأن الازمة السورية في ميونيخ، استقبلت دمشق امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني سعيد جليلي الذي اكد ان بلاده «ستقدم كل الدعم لسورية لتبقى صامدة وقادرة على التصدي لكل مؤامرات الاستكبار العالمي». وينتظر ان يلتقي جليلي الرئيس الاسد وكبار المسؤولين، وزيارته هذه هي الاولى له الى العاصمة السورية منذ آب (اغسطس) الماضي، وهي تأتي بعد ايام من غارة جوية نفذتها طائرات حربية اسرائيلية قرب دمشق فجر الاربعاء الماضي. وقال جليلي ان «العدوان الاسرائيلي وقوى الاستكبار حاولوا من خلال اعتدائهم الانتقام من الشعب السوري الصامد، وهذه محاولات يائسة». وعلى الصعيد الميداني حققت المعارضة تقدما مهماً في حلب بسيطرتها على احد الاحياء في جنوبالمدينة، ويمر فيه طريق رئيسي يربط حلب بمطارها الدولي وكان الجيش يستخدم هذا الطريق لتزويد قواته بالسلاح والذخيرة. وشن الطيران الحربي غارات جوية امس على حي الشيخ سعيد بعد ساعات من سيطرة المقاتلين المعارضين عليه. وكان احد سكان الحي ابلغ وكالة «فرانس برس» ان مقاتلي المعارضة «سيطروا على كامل حي الشيخ سعيد (...) بعد انسحاب من تبقى من عناصر الجيش السوري المنهك بعد 48 ساعة من الاشتباكات المتواصلة». واشار الى «نزوح معظم السكان عن الحي بعد سيطرة المسلحين عليه وخاصة عائلات اللجان الشعبية التي كانت تحارب مسلحي المعارضة لمنعهم من الدخول». وكان المرصد السوري لحقوق الانسان افاد بان سيطرة المعارضة اتت إثر اشتباكات عنيفة بين مقاتليها مع قوات النظام ومسلحين تابعين لها في الحي استمرت 12 يوما قتل على إثرها نحو 26 مقاتلا من المعارضة، اضافة الى عشرات القتلى والجرحى من قوات النظام والمسلحين الموالين لها. واشار المرصد الى ان مختار حي الشيخ سعيد قتل في مدينة حلب برصاص مقاتلين من المعارضة بعد سيطرتهم على الحي. وفي ريف دمشق، تعرضت مناطق عدة للقصف، منها داريا ومعضمية الشام الى الجنوب الغربي من العاصمة، وترافق ذلك مع اشتباكات في عربين وحرستا. ويحاول النظام منذ فترة السيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين في محيط العاصمة. وفي محافظة ادلب، قصفت الطائرات السورية المقاتلة مدينة تفتناز ومطارها العسكري الذي سيطر عليه المقاتلون المعارضون في كانون الثاني (يناير) الماضي. كما وقعت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمعارضة على الطريق الدولي بالقرب من بلدة حيش، في محاولة من المقاتلين لقطع الامداد عن معسكري وادي الضيف والحامدية في المحافظة.