تركزت مواقف أطراف الأكثرية البرلمانية في لبنان على اتهام قوى المعارضة بتأخير تشكيل الحكومة وبخاصة رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون، مؤكدين استمرار الرئيس المكلف سعد الحريري. ورأى وزير الثقافة تمام سلام، أن مواقف رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط «أدت الى تراجع في إنتاج التوافق حول الحكومة العتيدة». وقال في ندوة في جب جنين: «المواقف التي تم إعلانها في الأسابيع الأخيرة وما تلاها من توضيحات وترددات، حمل مضمونها الكثير من التأويلات لأنها أتت في توقيت مسيء لعملية تشكيل الحكومة والجهود التي يبذلها الرئيس المكلف سعد الحريري، لتجاوز المطالب والعقد، انطلاقاً مما اعتمده بعد الإنتخابات العامة من يد ممدودة في إتجاه جميع القوى السياسية». وحيا سلام «صبر الرئيس المكلف واتساع صدره ومعالجاته»، داعياً إياه الى «عدم التوقف أمام العراقيل واعتماد كل البدائل التي تحقق للوطن حكومة تعكس نتائج الانتخابات». وأشار إلى أن «الوطن يدفع كل يوم ثمن هذه العراقيل، وثمن الباحثين عن موقع وجوائز ترضية للأقارب والمحظيين». «المستقبل» ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية نهاد المشنوق أن اسلوب جنبلاط «لا يشفع لمضمون كلامه». وشدد على أن «توزير الراسبين خطأ شائع لا يجوز تكراره»، معتبراً أن «حزب الله» يحقق صيغته ويترك عراقيل التشكيل للرئيس المكلف سعد الحريري. وقال: «ان العروبة هوية حضارية لا تقف على ابواب دمشق». وأوضح المشنوق في حديث الى «أل بي سي» أن «الحكومة المقبلة ستكون حكومة واقعية سياسية وفيها شيء من الضمانات للطرفين، وشكل هذه الضمانات ليس شكل الثلث المعطل الحاد الذي كان موجوداً في الحكومة الماضية». وأشار الى «حصول تسوية ما تتعلق بطريقة التصويت على القضايا التي تتعلق بالنصف زائداً واحداً وعلى القضايا التي تتعلق بالثلثين والتي تعالج بطريقة الحوار بين الاطراف المشاركين في الحكومة». ولاحظ «ان المعارضة اعترفت بنتائج الانتخابات شفوياً ولكنها عملياً تؤكد يومياً انها غير موافقة عليها»، لافتاً الى ان «الرئيس المكلف سعد الحريري اخذ قراراً بأن الانتصار يبرر مد اليد للجميع والتفاهم على العناوين الكبرى من موقع قوة لأنه يريد الائتلاف السياسي وليس لأن هذا القرار مفروض عليه من المعارضة». وقال المشنوق: «أدى التفاهم السوري - السعودي الى صيغة حكومية اعتبرها «حزب الله» من حقه ووضعها في جيبه وسهّل التفاهم نفسه انتشاراً سياسياً سورياً في جميع الاتجاهات السياسية اللبنانية بعد حظر دام سنوات، فاذا بالحزب يؤكّد على صيغته وبسورية توسّع انتشارها تاركين اشكالات تشكيل الحكومة للرئيس المكلّف وحده». وأضاف: «كون «حزب الله» طليعياً في المعارضة فهو مسؤول عن التفاوض حول اشكال تمثيلها داخل الحكومة وليس فقط عن اصدار بيانات تتحدث في مسألة الدستور ومدى سماح الدستور بتوزير مرشحين راسبين لأنه بهذه الطريقة تشترط المعارضة الدخول «بالجملة» الى الحكومة وتطلب من الرئيس المكلّف ان يفاوض افرقاءها «بالمفرّق» باعتباره صندوق بريد لاسماء الوزراء فقط لا غير وهذا غير مقبول على الاطلاق لا مع الرئيس المكلف ولا بالطبع مع رئيس الجمهورية». وانتقد كلام «التيار الوطني الحر» بأن لا احد يؤثر عليه لا داخلياً ولا خارجياً، معتبراً ان «تأثير الحلفاء امر طبيعي كونه جزءاً من تحالف سياسي. وهذا دور «حزب الله» الذي اكّد أمينه العام اول من امس على ضرورة مشاركته «الفعّالة» في الحكومة ردّاً على التدخل الاسرائيلي الفظ في تشكيل الحكومة اللبنانية». وعن الخيارات أمام الحريري قال المشنوق: «هي الاستمرار وتشكيل الحكومة والتقدم الى الامام وهذا إلزام وواجب وهو لن يتأخر عن ذلك». ورأى عضو الكتلة نفسها النائب زياد القادري في بيان أن «الازدواجية في خطاب الاقلية تعرقل تأليف حكومة إئتلاف وطني، فهي إذ لا تنفك تبتدع العقد، تستعجل التأليف تارة، وتؤخره تارة آخرى، وفقاً لمزاجيتها وشروطها، فهي تريد الدخول الى الحكومة بالجملة، بينما تتعاطى مع مسألة التأليف بالمفرق». وأكد أن «رئيس الوزراء المكلف ليس صندوق بريد يضع فيه كل طرف أسم وزرائه، فالدستور أناط به مسؤولية تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، ولم ينط بأي طرف آخر القيام بهذه المسؤولية، وبالتالي فمن صلب صلاحيات الرئيس المكلف إبداء الرأي بالاسماء التي تطرحها كل جهة وجوجلتها، ثم توزيع الحقائب». وشدد القادري على أن «اتهامات الاقلية للرئيس الحريري بأنه هو من يؤخر تأليف الحكومة مردودة الى أصحابها، لأن الدستور لم يحدد مهلة للتأليف، ويحق للرئيس المكلف أن يأخذ وقته، فمواجهة التحديات التي تنتظر لبنان لا تكون بالتسرع في تشكيل الحكومة»، سائلاً الغيارى على مصلحة البلد: «ألم يكن لبنان واللبنانيون يواجهون تحديات مصيرية حين تم تجاوز الدستور، من خلال شل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وإقفال المجلس النيابي لسنة ونصف السنة، وإبقاء سدة الرئاسة الاولى شاغرة لأكثر من ستة أشهر؟». ولفت القادري الى أن «الحكومة عالقة عند إصرار النائب ميشال عون على توزير جبران باسيل»، مستغرباً «كيف يضع التيار الوطني شخصاً في وجه بلد بكامله، ويضع شخصاً في وجه مصلحة وطنية عليا؟». وأوضح عضو الكتلة نفسها النائب هادي حبيش أن «العقدة الاساسية في تشكيل الحكومة تكمن عند المعارضة...والمطلب الدائم للعماد عون بتوزير صهره جبران باسيل». واتهم حبيش قوى 8 آذار ببث اشاعات عن نية لدى الرئيس المكلف الاعتذار، مؤكداً أن «الامر غير وارد اطلاقاً، بل من غير المنطقي فاذا لم يقدر رئيس الاغلبية النيابية ان يشكل حكومة فمن سيشكلها؟ وهذه الاشاعات هي تمنيات عند قوى 8 اذار». «اللقاء الديموقراطي» وقال عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب علاء ترو: «هناك تأخير في الحكومة لأن العماد عون هو من يعرقل إصدار التشكيلة الحكومية الى العالم، ولأن هناك من يحرض العماد عون على التمسك بمطالبه بالوزراء الستة، وبالوزارات السيادية، وفي توزير الراسبين». وأمل من المعارضة بأن «تضغط على العماد عون، طالما يهمها التسريع بالتأليف، من اجل تسهيل مهمة الشيخ سعد الحريري، ومن أجل إنجاز ما هو مطلوب منها على الصعيد الوطني والسياسي والاجتماعي والانمائي والخدماتي، لأن البعض اذا كان يريد التأخير أكثر بتشكيل الحكومة فهو يسهم مع العماد ميشال عون بتأخير التشكيلة، وعندها لن يكون التعطيل داخلياً بل يكون نتيجة ضغوط خارجية من اجل قبض سعر اكبر من الرئيس المكلف». وأضاف: «هنا لا بد لي من التأكيد على الثوابت الاساسية، أننا بعد هذا الضجيج حول مواقف رئيس الحزب التقدمي النائب وليد جنبلاط، نحن مع الشيخ سعد الحريري في تأليف الحكومة وصيغتها، معه داخل الحكومة ومعه داخل المجلس النيابي من اجل حماية السلم الاهلي والوحدة الوطنية، وان نستكمل الحوار بين جميع اللبنانيين لما فيه مصلحة المواطن اللبناني، لأن هذه المصلحة لا تتأمن فقط من السلطات العليا، بل يجب ان تتجه من السلطات العليا حتى القاعدة، التي تسهم فيها الاندية والجمعيات من اجل تعزيز الحوار وحماية السلم الاهلي».