بدا أن الأزمة السياسية في مصر تتجه إلى مزيد من الاحتدام، في ظل تصعيد الاحتجاجات في الشارع، فيما حجز الجيش موطئ قدم في المعادلة السياسية بعدما طلبت المعارضة التي كسبت حليفاً استراتيجياً للرئيس محمد مرسي وجماعته، هو حزب «النور» السلفي، إشراك وزيري الدفاع والداخلية في اجتماع لبدء حوار مع الحكم، ما تحفطت عنه الرئاسة التي أبدت تعنتاً تجاه مطلب المعارضة والسلفيين تغيير حكومة هشام قنديل. واستمرت الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في محيط ميدان التحرير وسقط قتيلان أمس، فيما سعى الحكم إلى تخفيف الاحتقان في مدن القناة عبر تقليص ساعات حظر التجوال فيها. لكن الاحتجاجات مرشحة للتصعيد في ظل ترتيب المعارضة لتظاهرات في مختلف المحافظات غداً أطلقت عليها «جمعة الخلاص»، إضافة إلى حلول الذكرى الأولى ل «مذبحة استاد بورسعيد» السبت المقبل، فيما تُحيي القوى الثورية الأحد الذكرى الثانية ل «موقعة الجمل» التي سقط فيها عشرات القتلى والجرحى أبان الثورة حين هاجم بلطجية المتظاهرين في ميدان التحرير على ظهور الخيول والجمال. ودعا منسق «جبهة الإنقاذ الوطني» محمد البرادعي أمس إلى اجتماع فوري مع الرئيس في حضور وزيري الدفاع عبدالفتاح السيسي والداخلية محمد إبراهيم والحزب الحاكم «الحرية والعدالة» والتيار السلفي و «جبهة الإنقاذ». واعتبر أن «وقف العنف هو الأولوية، وبدء حوار جاد يتطلب الالتزام بالضمانات التي طرحتها جبهة الإنقاذ وفي مقدمها حكومة إنقاذ وطني ولجنة لتعديل الدستور». وتبع دعوة البرادعي تأكيد القيادي في الجبهة عمرو موسى ضرورة بدء الحوار على أساس الدعوة التي أطلقها «مجلس الدفاع الوطني» الذي يهيمن عليه العسكريون وليس الرئاسة. غير أن الرئاسة أبدت تحفظا عن «حضور الجيش في المشهد السياسي». وقالت مصادر رئاسية ل «الحياة» أن «إقحام الجيش في الخلافات السياسية به قدر كبير من الضرر أكثر من النفع». لكنها أبدت ترحيبها ب «أي مبادرات من شأنها حقن الدماء وإعادة الاستقرار إلى البلاد». وإضافة إلى رفض الرئاسة و «الإخوان»، شدد منسق «حركة 6 أبريل» المعارضة أحمد ماهر على رفضها دخول الجيش طرفاً فاعلاً على خط الأزمة. وقال ل «الحياة»: «طالبنا بإبعاد العسكر من المشهد، ولن يكون مقبولاً حضورهم مجدداً. الجيش مهامه حفظ أمن البلاد، وليس الوساطة السياسة». واجتمع أمس أعضاء في «جبهة الإنقاذ» مع قادة حزب «النور» السلفي في مقر حزب «الوفد»، بعدما أبدى «النور» تماهياً مع مطالب المعارضة. وأفيد بأن الاجتماع خلص إلى اتفاق على «تشكيل حكومة محايدة، وضرورة إقالة النائب العام، وأن تشكل الرئاسة لجان تحقيق في وقائع العنف التي حدثت في الأيام الماضية». غير أن القيادي في الجبهة عمرو حمزاوي قال ل «الحياة» إن خلافات حصلت في شأن آلية تشكيل لجنة التعديلات الدستورية التي تعهدت بها الرئاسة، إذ طالب «النور» بلجنة حزبية، فيما دعت الجبهة إلى لجنة قانونية. لكن مرسي تمسك باستمرار حكومة هشام قنديل. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في برلين التي زارها وسط انتقادات حادة لمغاردته البلاد في خضم الأزمة السياسية، إن «في مصر حكومة مستقرة تعمل ليلاً ونهاراً، ونحن أمام استحقاق دستوري قريباً لتكوين البرلمان الذي يقرر شكل الحكومة المقبلة». ودافع عن إعلانه حال الطوارئ في محافظات قناة السويس الثلاث، مشيراً إلى أن القرار «للحفاظ على مصالح الناس»، واعداً بإنهاء الطوارئ عندما يستقر الوضع. وأشارت مركل إلى أنها ابلغت مرسي «بوضوح بأننا نريد نجاح عملية التحول في مصر». كما شددت على «أن بعض الأمور مهمة جداً بالنسبة إلينا، وهي أولاً إبقاء خط الحوار مفتوحاً على الدوام مع جميع القوى السياسية في مصر، ثم إفساح المجال أمام مساهمة مختلف القوى السياسية، واحترام حقوق الإنسان وبالطبع ضمان الحرية الدينية». وأضافت أن حكومتها «على استعداد للمساعدة على إنهاض الاقتصاد المصري من أزمته».