كشف الديوان الملكي الأردني أمس تفاصيل الاستقالة التي قدمها رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عقب إجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة، في وقت انتقدت جماعة «الإخوان المسلمين» كبرى القوى المعارضة في البلاد تعيين فايز الطراونة رئيساً للديوان الملكي خلفاً لرياض أبو كركي، مطالبة بتشكيل حكومة «إنقاذ وطني» في أسرع وقت. وقال بيان صادر عن الديوان إن «رئيس الوزراء عبد الله النسور وضع استقالة الحكومة بين يدي الملك عبدالله الثاني الثلثاء». وأضاف أن «الملك كلف الحكومة باستمرار القيام بمسؤولياتها الدستورية إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة بعد اجتماع مجلس الأمة في دورته غير العادية المقبلة وانتهاء المشاورات النيابية لتشكيل الحكومة الجديدة». وكانت «الحياة» نشرت معلومات تؤكد تقديم النسور استقالة «غير معلنة» إلى العاهل الأردني، ترقباً لتشكيل حكومة جديدة بدأ التشاور في شأنها مبكراً على مستوى مؤسسات الحكم المختلفة. وانتقدت جماعة «الإخوان» خلال مؤتمر صحافي أمس تعيين الطراونة رئيساً للديوان الملكي، معتبرة أن اختياره لتولي أحد أهم المناصب الحساسة في البلاد «لا يعبر عن توجه جدي لتحقيق الإصلاح». وقال الأمين العام لحزب «جبهة العمل الإسلامي» (الذراع السياسية للإخوان) حمزة منصور خلال المؤتمر إن «حكومة الطراونة السابقة كانت جزءاً من قوى الشد العكسي عندما أصرت على قانون الصوت الواحد»، مضيفاً أن تعيينه رئيساً للديوان «مؤشر سلبي في مثل هذه المرحلة». وتابع «الكرة الآن في ملعب السلطة وهي مدعوة لوقفة مراجعة حقيقية، كما أننا نطالب بحكومة إنقاذ وطني في أسرع وقت، ومستعدون للبحث في إمكان المشاركة فيها إن طلب منا ذلك». وفي رده على سؤال ل»الحياة» حول إمكان الدخول في حوار شامل مع الجهات الرسمية، أجاب منصور «لا توجد بيننا وبين السلطة أي قنوات اتصال حتى اللحظة، لكننا نرحب بأي حوار حقيقي شريطة أن يكون مع جهة رسمية صاحبة قرار» في إشارة إلى الديوان الملكي. وتزامنت تصريحات منصور مع رسالة وجهها الملك عبدالله إلى الأردنيين أمس هنأهم فيها ب «بنجاح الانتخابات». وأشاد العاهل الأردني بالعملية الانتخابية الأخيرة التي وصفها ب «الإنجاز التاريخي»، شاكراً الأردنيين على الاقتراع ومتعهداً ب»المضي قدماً بمسيرة التغيير والإصلاح المنشود، وتجذير التعددية السياسية والمشاركة الشعبية في البلاد». وقال الملك في رسالته إن «أساس نجاح عمليتنا الإصلاحية هو ارتكازها على نهج ديموقراطي مبني على أسس تشاركية بين جميع مكونات مجتمعنا الأردني الواحد، وتفاعلهم الإيجابي مع محطات الإصلاح». وشدد على «أهمية مجلس النواب الجديد في التصدي للتحديات الوطنية، من خلال إدامة التواصل والحوار مع المواطنين وجميع القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية، والمضي إلى محطات الإصلاح القادمة بأعلى درجات التوافق والمشاركة». إلى ذلك، علمت «الحياة» أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الذي يزور عمان رسمياً منذ يومين التقى ظهر أمس للمرة الثانية وفي أقل من 24 ساعة عدداً من كبار المسؤولين الأردنيين، للبحث في ملفات وقضايا سياسية على مستوى المنطقة. كما علمت من مصادر أردنية وأخرى قريبة من الحركة الفلسطينية أن لقاءات مشعل المسؤولين الأردنيين التي بدأها بالعاهل الأردني واستمرت نحو 6 ساعات كانت إيجابية إلى حد كبير، لكنها لم تتطرق مطلقاً إلى الشأن الأردني الداخلي، بعكس ما تناقلته بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية. وعلى رغم أن اللقاءات المذكورة لم تتطرق أيضاً إلى تطورات العلاقة ما بين الدولة و»الإخوان المسلمين» التي تعتبر الحاضنة الرئيسية ل «حماس»، إلا أن زيارة مشعل التي حظيت بحفاوة رسمية بدت لافتة، ونجحت إلى حد كبير في إرسال برقيات «استمالة» داخلية من جهة الدولة إلى الشارع الإسلامي ذي الأغلبية الفلسطينية خصوصاً لقيادات الجماعة، فهم منها أنه «رغم الأجواء المشحونة التي شهدتها علاقة الدولة والإخوان إثر قرار هذه الأخيرة مقاطعة الانتخابات، إلا أن السلطة لن تسعى أبداً إلى القطع لا مع الإخوان ولا مع أنصارهم». ومثل هذه البرقيات رد عليها منصور خلال المؤتمر الصحافي بالقول «إننا سعداء في أن تكون الطريق سالكة ما بين إخواننا في قيادة حماس والدولة الأردنية، لا سيما أن القطيعة لا تخدم أحداً». وكانت العلاقات الأردنية مع «حماس» عادت بعد قطيعة استمرت منذ بدء عهد الملك عبدالله العام 1999عندما أبعدت عمان قادة الحركة إلى الدوحة. وجاءت عودة العلاقات إثر نجاح وساطة قام بها ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي زار مع مشعل الأردن في فبراير (شباط) العام الماضي.