أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان طرد قوات بلاده خلال حملتها العسكرية المستمرة منذ 11 الشهر الجاري في مالي، متمردي تحالف الجماعات الاسلامية المرتبط ب «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» من مدينتي غاو وتمبكتو (شمال)، يظهر ان مالي «بدأت تتحرر ببطء». لكنه حذر من ان المتمردين الذين يسيطرون على الشمال منذ نيسان (ابريل) الماضي «يختبئون الآن تنفذاً لاستراتيجية المراوغة، وقد يظهر بعضهم مجدداً». وأوضح فابيوس ان طوابير المدرعات الفرنسية والمالية اجبرت المسلحين على مغادرة مدينتي ديابالي ودوينتزا (وسط) الاسبوع الماضي، ثم شقت طريقها الى الشمال، مشيراً الى ان جنود من وحدة التدخل الافريقية يستعدون للانتشار، فيما يتواجد جنود من تشاد ونيجيريا فعلياً على الارض. وأمس، نفذ عسكريون فرنسيون عملية انزال جوية لقوات برية، من اجل السيطرة على منافذ مدينة تمبكتو الاسطورية ومطارها، و «هو ما حصل من دون مقاومة»، بحسب الكولونيل تييري بوركار، فيما رد الاسلاميون بحرق منازل ومبنى يحتوي على مخطوطات تاريخية لدى فرارهم، كما انهالوا بالضرب على سكان ابدوا فرحتهم بدخول القوات الفرنسية - المالية. وقال رئيس بلدية تمبكتو، هال عثمان: «اضرم مقاتلون اسلاميون النيران في مكتبة معهد أحمد بابا الذي شيدته جنوب افريقيا حديثاً، وتحتوي آلافاً من المخطوطات لا تقدر بثمن. كما احرقوا مكتبي ومنزل عضو في البرلمان». ومعهد أحمد بابا، واحد من مكتبات عدة في المدينة تضم وثائق أثرية تعود الى القرن الثالث عشر. وحمل اسم شخصية ولدت في تمبكتو عاصرت الكاتب الانكليزي وليام شكسبير. وهو يحتوي أكثر من 20 ألف مخطوطة بعضها محفوظ في سراديب تحت الأرض. وصرح الكولونيل بوركار بأن «القوات الفرنسية والافريقية باتت تسيطر على حلقة النيجر»، المنطقة الواقعة بين تمبكتو وغاو، اكبر مدينتين في الشمال. وسبق عملية تمبكتو استعادة الجيش الفرنسي مطار مدينة غاو وجسراً استراتيجياً فيها، ما سمح بنقل قوات تشادية ونيجيرية جواً من نيامي للتمركز في مدينتي ميناكا وانديرمبوكان (شمال شرق) قرب الحدود مع النيجر وإرساء الأمن فيهما، علماً ان الجيش الفرنسي لا يرغب في ملازمة المدن التي يستعيدها جنوده من المقاتلين الاسلاميين. ويخشى الغرب حصول عمليات انتقام في تمبكتو وغاو، رداً على ارتكاب الاسلاميين جرائم باسم الشريعة، مثل قطع الايدي والرجم والاعدامات. وقال طالب من تمبكتو لجأ الى مبتي (وسط): «كانوا يضربوننا اذا دخنا او استمعنا الى الموسيقى، سيدفعون ثمن ذلك لأننا سنضربهم ايضاً». وبعد غاو وتمبكتو تتجه الانظار الى كيدال، اقصى شمال شرقي مالي قرب الحدود الجزائرية، ثالث كبرى مدن شمال مالي ومعقل اسلاميي حركة «انصار الدين». وأفاد مصدر أمني مالي بأن أكبر قادة الحركات الاسلامية المسلحة، وفي مقدمهم قائد «انصار الدين» اياد اغ غالي، والجزائري ابو زيد، احد قادة «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» لجأوا الى جبال كيدال على مسافة 1500 كيلومتر من باماكو، حيث قصفت طائرات فرنسية مواقع الاسلاميين السبت الماضي. مؤتمر للجهات المانحة وغداة قمة للاتحاد الافريقي، يشارك قادة دوليون وافارقة في مؤتمر للمانحين تستضيفه اديس ابابا اليوم، ويهدف الى تمويل انتشار القوة الأفريقية في مالي واعادة تنظيم جيش مالي. وستتمثل فرنسا بوزير خارجيتها فابيوس، فيما انتدب الاتحاد الاوروبي الذي وعد بتقديم 50 مليون يورو، مفوضه لشؤون التنمية اندريس بيبالغس الى المؤتمر. وكانت بريطانيا أعلنت نيتها تدريب بعثة الدعم الدولية لمالي، وتقديم مساعدة لوجستية من دون مزيد من التوضيحات. وأعدّ الاتحاد الافريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) لائحة لاحتياجات جيش مالي والوحدة الأفريقية من اجل طرحها على المانحين. وأفاد ديبلوماسيون بأن وثيقة اولية قدرت الاحتياجات بنحو 700 مليون دولار، مع احتمال تعديل هذا الرقم لأن عدد أفراد الوحدة الأفريقية بقيادة الجنرال النيجيري شيهو عبد القادر التي أجاز مجلس الأمن انتشارها في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، لم يحدد بدقة. وقرر رؤساء اركان دول غرب افريقيا التي ستقدم القسم الأكبر من جنود الوحدة، رفع عدد القوات من 4 آلاف الى 5700 عنصر، بينها أكثر من الفي جندي من تشاد، علماً ان ألفي جندي افريقي ارسلوا حتى الآن الى مالي او النيجر المجاورة. وصرح مفوض مجلس السلم والأمن في الاتحاد الافريقي رمضان العمامرة بأن «المساهمات يمكن ان تكون عينية ولوجستية لتأمين الحاجات المعروفة لنشر قوات مسلحة في بلدان نامية». وأبدى المفوض تفاؤله الحذر من نتائج المؤتمر، وقال: «نأمل بتعبئة موارد ومعدات تسمح بتوفير بعض الاستقلالية لهذه القوات خلال بضعة شهور»، مشيراً الى ترتيبات «اكثر ثباتاً» ستطلب لاحقاً من الأممالمتحدة في شأن موازنة عمليات حفظ السلام.